سينما وأدب في 100 عام:رحلة غربية الملامح عبر الزمن .
2025 ,07 أيار
 أمينة عباس: صوت العرب-دمشق.
على الرغم من إقامة د.مانيا سويد في دولة الإمارات العربية وعملها في تدريس مادة الإعلام في عدة جامعات فيها وهي التي تحمل شهادة الدكتوراه في الصحافة إلا أن ما يُحسَب لها وفي رصيدها أكثر من 25 إصداراً في القصة والرواية والإعلام والدراسات وأدب الطفل رحلتها التي استغرقت مئة عام في فضاء السينما والأدب عبر كتابها "سينما وأدب في 100 عام 1951-2015" الذي اخترناه اليوم لنتوقف عند مسيرة إنجازه وقد عدَّه كثيرون وثيقة أكاديمية وموسوعة في السينما.
من "كارمن" إلى "المريخي"
في البداية  تبيّن مانيا سويد قائلة: "شغفي بالسينما بدأ منذ ربع قرن حين وجدتُ نفسي للمرة الأولى أطبق بيدي على بطاقة دخول إلى إحدى دور السينما دون أن أكون بصحبة أحد لأغرق في عالم أخذني من اليابسة إلى الماء ثم إلى الفضاء دون أن يخطر لي أنني سأكتب عن هذا العالم السينمائي العجيب الذي استهواني كثيراً ثم جاءت فكرةُ لماذا لا أشهر عقد قران بين السينما والأدب شغفي الأول، وهما اللذان ارتبطا معاً منذ أن ولِدَت السينما، فقررت في منتصف العام 2013 أن أبني لهما بيتاً يجمعهما ليكون الشاهد على ذلك الاقتران الناجح بين السينما والأدب، فكان هذا الكتاب رحلة عبر الزمن انطلقت في العام 2015 من إقليم الباسك في شمال إسبانيا بصحبة "كارمن" العرس الأدبي السينمائي الأسطوري الصامت وقد أضفى صمته عليه سحراً لأن المتابع كان عليه أن يشاهد ويقرأ وكأنه يقراً أدباً مرئياً أو يشاهد سينما مروية وهو من إخراج الأميركي سيسل دي ميل عن رواية "كارمن" للأديب الفرنسي بروسبر مريميه، ثم حطَّت رحلتي عام 2015 على كوكب المريخ عند من قرر أن يحيا حيث لا يوجد أي مقوّم من مقومات الحياة عبر فيلم "المريخي" إخراج ريدلي سكوت عن كتاب من تأليف آندي وير بما احتواه من صنعة سينمائية وصياغة روائية تمثلان وجهاً آخر وعرساً آخر للارتباط الأدبي السينمائي".
بين السينما والأدب
انتقلت سويد عبر الكتاب برحلتها التي استغرقت مئة عام في فضاء السينما والأدب من محطة إلى أخرى، وفي كل وقفة كانت تكتشف صوراً من الانسجام والتناغم بين هذين اللونين من ألوان الإبداع، كما اكتشفت أنهما كوَّنا معاً فنّاً جميلاً له نكهته ومذاقه الخاص.. تقول: "عملية المزاوجة بين السينما والأدب بين دفتَي كتاب واحد تتطلب بحثاً مضنياً عن منابع معرفية يمكن أن تستقي منها ما تودّ تسطيره من بيانات ومعلومات معينة، وقد وجدت ثراء مرجعياً بالنسبة للسينما والأدب العالميين عموماً والغربيين خصوصاً حيث تعددت وتنوعت مصادر البيانات والمعلومات، في حين كنت أصادف شحّاً نسبياً في تلك المرجعيات والمصادر بالنسبة للسينما والأدب الشرقيين عموماً والعرب خصوصاً، فآثرتُ اختيار المتوفر متعجلة رؤية وليدي الأدبي السينمائي الأول وإن كان غربي الملامح على أن أتحلى بالمزيد من الصبر الذي يتطلبه الجهد الذي يفرضه شحّ المصادر، أما السبب الثاني فلأنني أردتُ بهذا الكتاب أن أبعث رسالة أنانية إلى المجتمعات الغربية مفادها أننا قادرون على قراءتهم وفهم فكرهم وتفسيره واستنباط تلميحاتهم وقراءة تلويحاتهم ونعلم ما في بواطن صفحاتهم الأدبية ومشاهدتهم السينمائية ونستشعر ما فيها من جماليات فنفيها حقها من الثناء وما فيها من قبح".
ما تيسَّر
ولأنه من الصعب وضع مؤلّف واحد يضمّ جميع العظماء من الأدباء والسينمائيين لا تخفي مانيا سويد أن ما يضمّه هذا الكتاب من محطات أدبية وسينمائية هو "ما تيسّر وليس كل الموجود، والاختيار يعبّر عن ذوق شخصي ولا يعبّر بالضرورة عن الأفضل، وهناك أدباء وسينمائيون لم أنل متعة الكتابة عن إبداعاتهم، لكنهم من المبدعين الذين حفظ لهم التاريخ وقد اخترتُ الأفلام المقتبسة من عمل أدبي متميز كرواية أو قصة أو سيناريو أصلي لأنني من المؤيدين لاعتبار السيناريو من الأعمال الأدبية، وإن كان يحتوي على تقنيات سينمائية وتلفزيونية، وجمعتُ في عرضي للأفلام بين السرد والتحليل، وفي بعض الأحيان النقد للجانب الأدبي".
رحلة مثيرة وممتعة
وردّاً على سؤال إن كانت رحلة المئة عام هذه بالنسبة لها مثيرة وممتعة لا تتردد سويد في القول: "تسرّب الملل إليّ في بعض اللحظات التي كنتُ أشاهد فيها الأسماء والتواريخ، وهو أمر لا يمكن تخطيه أو تجاوزه لأنه من الضرورات المبررة لإيفاء أصحاب الأسماء من أدباء ومخرجين وممثلين وغيرهم من المبدعين حقّهم من الذّكْر، فهم الأبطال الحقيقيون لرحلة المئة عام، مع الإشارة إلى أنه في كلّ محطة من المحطات المئة سيجد القارئ شيئاً جديداً ومفيداً، وسيعرف مع كل وقفة أن ثمة تفسيرات لمشاهد ومواقف أدبية سينمائية مرّت وقت ظهورها مروراً سريعاً دون أن نمتّع أنفسنا بما تحمله في عمقها من جماليات ومعان"، لذلك  وعلى الرغم من الجهد والمشقة اللذين عانت منهما  د. سويد  لإكمال  هذه الرحلة فإن  ما شعرت به  من متعة و إثارة  بدءاً من الحطة الأولى  حيث السينما الصامتة وانتهاء عند المحطة الأخيرة  حيث السينما  الرقمية والعالم الافتراضي شجعها على التفكير في تكرار التجربة في رحلات تالية  لمتابعة التجوال في عالم السينما، فأصدرت كتابها الثاني"سينما وأعلام  في 100 عام 1916-2017" وفيه سلّطت الضوء على مئة فيلم سينمائي تناول السيرة الذاتية لأهم الشخصيات في العالم في العديد من المجالات.
وخلصت الكاتبة بعد اطلاعها على هذه الأفلام وما جاء فيها من سيَر لأصحابها إلى أهمية الدور الذي يلعبه الإيمان بالفكرة في زرع الإصرار في النفس البشرية وتحفيزها إلى الاستمرار وتكرار المحاولات: "حين يؤمن الإنسان بفكرة ما فإن إيمانه يعينه كثيراً على الصبر والتصميم من أجل بلوغ الهدف، والمرء بمفرده لا يستطيع أن يصنع لذكراه بقاء، وأن من فتح لهم التاريخ أبوابه لم يكونوا بمفردهم بل كان أمامهم طريق طويل احتاجوا فيه إلى من يؤنسهم، فمنهم من دفعته أمه ومنهم من ساندته زوجته".
يُذكر أن الكتابين من إصدارات دائرة الثقافة والإعلام في حكومة الشارقة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون