2025 ,21 نيسان

رانية حداد:صوت العرب- الاردن.
ضمن عروضها الاسبوعية المنتظمة، تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبدالحميد شومان، غدا الثلاثاء 22/4/2025،الساعة السادسة والنصف، الفيلم الكوري الجنوبي"سائق تاكسي" للمخرج "جانغ هون".
أحداث فيلم "سائق التاكسي" مبنية على قصة حقيقية خلال انتفاضة غوانغجو، الحدث المحوري في تاريخ كوريا الجنوبية الذي وقع في مايو 1980.
كانت الانتفاضة رداً على الحكم الاستبدادي للرئيس تشون دو هوان، الذي وصل إلى السلطة بعد انقلاب عسكري، احتج مواطنو غوانغجو على الأحكام العرفية والتدابير القمعية التي اتخذتها الحكومة، مطالبين بالديمقراطية وحقوق الإنسان، رد الجيش على الاحتجاجات بقوة وحشية، مما أسفر عن خسائر كبيرة في الأرواح وإصابات بين المدنيين.
في ظل هذه الأجواء، وعلى صعيد موازي في العاصمة سول، يكافح سائق تاكسي يُدعى كيم مان سوب –وهو أب أرمل-من أجل الحصول على المال لتوفير لقمة العيش له ولطفلته الصغيرة، ولسداد الديون التي قد تراكمت عليه. في أحد المطاعم، يسمع كيم مان سوب أن أجنبياً يعرض دفع الكثير من المال مقابل قيادته إلى غوانغجو، هذا المال الذي من شأنه أن يغطي إيجار كيم المتأخر عليه، فيندفع خارج المطعم باتجاه المكان المتفق عليه لاصطحاب الأجنبي.
في البداية، لم يكن كيم يعلم أن هذا الأجنبي هو مراسل صحفي ألماني يدعى يورجن هينزبيتر، جاء من اليابان إلى كوريا الجنوبية من أجل الذهاب إلى غوانغجو ليغطي الأحداث هناك بعد أن ضُرِب طوق من العزلة وقُطع الاتصال مع هذه المدينة الملتهبة، ولم يكن كيم أيضاً على علم بالاضطرابات السياسية التي تتكشف في المدينة، فكيم رجل عادي من الطبقة العاملة يهتم فقط بسبل العيش ولا يهتم بالقضايا السياسية، لكن سرعان ما وجد نفسه محاصراً في خضم حملة قمع عنيفة على المواطنين المحتجين ضد النظام الاستبدادي في غوانغجو، وهنا سرعان ما يجد كيم نفسه نادماً على قراره المجيء إلى غوانغجو بعد أن وقع في فخ العنف من حوله.
أثناء تصاعد الاحتجاجات في الشارع، أطلق الجنود النار على الطلاب المحتجين على إغلاق جامعاتهم والمطالبين بالديمقراطية، واندفع الناس من جميع الخلفيات إلى الشوارع، كما فتح الجنود النار على أولئك الذين ينقذون الجرحى. يساعد مان سوب وسائقو سيارات الأجرة الآخرون الجرحى في ركوب سيارات الأجرة ونقلهم إلى بر الأمان، هناك الكثير من الصور القاسية التي شهدها كيم ووثقها بيتر بكاميرته.
مع تطور الأحداث وتصاعد الاضطرابات، تتطور العلاقة بين كيم وبيتر بشكل كبير، أصبحت معرفة كيم المحلية ومهاراته في القيادة أمراً بالغ الأهمية لبيتر للتنقل في البيئة الخطرة، بينما يساعد منظور بيتر كصحفي كيم على فهم الآثار الأوسع لظروفهم، كما تتطور علاقة كل منهما مع المجتمع المحلي في غوانغجو، وخاصة مع طلاب الجامعات الذي قادوا الانتفاضة، وشيئاً فشيئاً يجد كيم نفسه في خضم واقع لم يكن على دراية به سابقاً، وهنا يصبح كيم -الشخصية الرئيسية في الفيلم-أمام مفترق طرق، فأي طريق سيسلك؟ وما شكل خياراته وابنته الصغيرة وحيدة في انتظاره في سول؟
في عام 2003، يتلقى بيتر جائزة في كوريا الجنوبية عن تقريره عن انتفاضة غوانغجو. في خطابه، يعبر عن امتنانه لـ "كيم" ويأمل في رؤيته مرة أخرى يوماً ما. يقرأ كيم، الذي لا يزال يعمل سائق تاكسي، مقالاً في إحدى الصحف عن خطاب بيتر وإنجازاته، ويغمغم بأنه يشعر بالامتنان لبيتر أكثر وأنه يفتقده أيضاً. وينتهي الفيلم بمقطع فيديو لبيتر الحقيقي، وهو يعرب عن شكره لـ "كيم" ورغبته في رؤيته مرة أخرى، لكن هذه الرغبة لم تتحقق لأن كيم الحقيقي قد توفي بعد تلك الأحداث بأربع سنوات.
يحسب للفيلم أداء الممثلين الحساس والمتقن، على رأسهم أداء الممثل الذي لعب دور كيم، بالإضافة إلى التصوير السينمائي المميز والذي ينقل نبض الانتفاضة وقسوة القمع، كذلك المونتاج والايقاع المنسجم مع وتيرة أحداث الفيلم، مما جعل الفيلم مرشحاً ليمثل كوريا الجنوبية في جائزة الأوسكار لفئة أفضل فيلم بلغة أجنبية، النجاح على المستوى الفني رافقه نجاحاً تجارياً ملحوظاً حيث سجل ثاني أعلى ايراد عام 2017 في كوريا الجنوبية، ويحتل حالياً المرتبة الثالثة عشر من حيث أعلى الأفلام الكورية الجنوبية ربحاً في التاريخ.