السينما قاطرة التنمية بتطوان الــ٢٩ لسينما البحر المتوسط .
2024 ,28 نيسان
  د. أمــل الجمل :صوت العرب – المغرب.
«أحب المغرب، وأعرف أن المغرب يُحب فلسطين، وأحب أن أشاهد لعبة كرة القدم لأسمع هؤلاء اللاعبين يهتفون باسم فلسطين.. أنا سعيد بوجودي في المغرب، سعيد بتكريم مخرج مهم مثل فوزي بن سعيدي، لأنه من أهم المخرجين، وسعيد أنني موجود أثناء هذا التكريم له.» 
بتلك المعاني تحدث المخرج الفلسطيني العالمي إيليا سليمان في الكلمة التي ألقاها على مسرح قاعة إسبانيول بافتتاح الدورة التاسعة والعشرين من مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط والممتدة بين ٢٧ أبريل وحتى الرابع من مايو القادم. 
الجميل في الأمر أن إيليا سليمان بدأ كلمته مازحا مع مذيعة الحفل المتألقة والمتمكنة من أدواتها حورية بوطيب، إذ لم يتخلى عن شخصيته الساخرة كما اعتدناه في أفلامه.. ثم حين تحدث عن فلسطين كدنا نشاهد الوجه الآخر المكلوم، المفجوع في بلاده، والموجوع لها، حتى كدنا نرى قلبه يبكي وهو ينطق اسم «فلسطين». 
السينما استثمار في الإنسان 
حفل افتتاح شديد الرقي، بسيط لكنه شديد الفنية، المسئولون ألقوا كلماتهم، وتحياتهم للحضور، وإشادتهم بالمهرجان وبدوره، مؤكدين على إيمانهم برسالته، وبدور السينما في استثمار الإنسان، بأنها قاطرة مهمة للتنمية، وأن السينما ليست ذات دور هامشي وإنما أساسي.. وذلك قبل أن تبدأ المذيعة في تقديم اطلالة على الأفلام المشاركة في المسابقة الطويلة وخفقة قلب مثلما قدمت أعضاء لجان التحكيم، والمكرمين، ثم اختتمت بتقديم الشكر للرعاة الذين يستحقوا كل الشكر على دعمهم لهذه التظاهرة والعرس السينمائي المتميز. ثم بدأ عرض فيلم الافتتاح «بنات ألفة» الذي حقق صدى دولي كبير منذ عرضه في مهرجان كان السينمائى. 
يكاد المرء يحكم على أنها ستكون دورة استثنائية منذ الساعات الأولى ومع توالي تفاصيل حفل الافتتاح الذي تضمن فقرة فنية موسيقية استثنائية في جمالها.. فقد تم تقديم فاصل من موسيقى الفلامنكو - موسيقى غجر إسبانيا - والتي تكونت من ثلاثة عناصر وهي العزف والغناء والرقص. وقد نالت استحسان جمهور القاعة الممتلئة عن آخرها وظل الحضور يصفق أكثر من مرة للرقص والغناء والعزف. 
تساؤل عن النجاح والإيمان؟ 
إذا كنت مثلي من الذين يتساءلون عن نجاح وصمود مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط علي مدار عقود - تكاد تقترب من الأربعة عقود - رغم كل التحديات العالمية أو المحلية فإليك بعض من كلمات المسئولون الداعمون للمهرجان لتعرف عزيزي القاريء/ عزيزتي القارئة/ كيف ينظرون إلي السينما باحترام وتقدير.. وفي مقدمتهم الناقد السينمائى والمناضل أحمد الحسني وكافة فريق العمل الذين يتعاملون مع السينما على أنها أداة للوعي والتنمية، ورغم دوره وجهوده المثمرة لكن كلمته على المسرح اقتصرت على الترحيب بالحاضرين والمشاركين ثم قدم برنامج الدورة التي وصفها بمجموعة من الأفلام المتميزة في إطار المسابقة الرسمية والعروض الخاصة والندوات ذات الأهمية الكبيرة والتكريمات. 
ثم، تحدث عامل إقليم تطوان السيد عبد الرزاق المنصوري قائلا ومؤكدا على أن مهرجان تطوان يظل موعدا بارزا ضمن خريطة التظاهرات الفنية الوطنية والدولية، وأنه مناسبة سانحة تواصل تطوان من خلالها ترسيخ مكانتها الثقافية المتميزة في فضاء البحر الأبيض المتوسط، فهذا المهرجان يواصل تكريس وإبراز الخصوصيات المحلية لمدينة تطوان وتثمين الارث اللامادي للمدينة بوصفها منارة فنية ثقافية رائدة. 
في حين أكد رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة في كلمة ألقاها نائبه أن السينما تظل من أهم أشكال القوة الناعمة في التغيير وتبقى فناً منتجا للجمال، وترقي بالذوق العام، مضيفا أن نقطة القوة لدى مهرجان تطوان تكمن في اختياراته الفنية الراقية والجيدة وقدرته على استضافة أسماء لامعة وفنانين مرموقين. 
أما رئيس جماعة تطوان السيد مصطفى البكوري فقد شدد على أن الفعل الثقافي والفن ليس هامشياً أبداً، لكنه أساسي للرقي بالإنسان والذوق والوجدان، كما أكد على أن مهرجان تطوان هو «إحدى أهم التظاهرات التي تحظى باحترامنا ودعمنا بجدية لجودة ما يقترحه في برمجته من فقرات، وما يخلقه من نقاشات وسجالات، وكذلك للمكانة الفنية لضيوفه الذين يقصدون تطوان من مختلف بلدان المتوسط.» 
على صعيد آخر، قالت التونسية شادية خضير رئيس لجنة تحكيم النقد - وهى المسابقة التي تحمل اسم الناقد المغربي الراحل مصطفى المسناوي - أن السينما هي النافذة التي ننظر منها إلى العالم ونحن في لجنة التحكيم سوف ننظر إلى الأفلام بطريقة خاصة وفنية. بينما تألقت في بساطة ذات رونق جذاب النجمة التركية فيلدان أتاسيفير قائلة بعد تكريمها: «أنها كانت في شوق كبير لزيارة مدينة تطوان منذ عام حيث تعذر عليها الحضور بسبب الزلزال الذي ضرب تركيا، ثم تذكرت الزلزال الذي ضرب المغرب لاحقا، وهنا استعادت مقولة حكيمة للمبدع الروسي تولستوي يقول فيها: «إذا شعر الإنسان بالألم فإنه حي، وإذا شع بآلام الآخرين فإنه إنسان.» أما الممثلة الإيطالية إيزابيلا بيغونيزي والتي تم تكريمها أيضاً في حفل الافتتاح فتحدثت عن سعادتها بحضور هذه الدورة في تطوان مؤكدة أن السينما هي ما يجعلنا أسرة واحدة يلتئم شملها في القاعات السينمائية.» بعد ذلك ثم صعد ضيف الشرف الممثل التركي ميرت ألتينشيك إلى منصة الافتتاح مُعلنا أنها المرة الخامسة التي يزور فيها المغرب مما يجعله يشعر بأنه بلده الثاني. 
وأخيرا لابد من توجيه كلمة شكر وتقدير لفريق عمل النشرة اليومية للمهرجان، وأخص بالشكر كلا من مخلص الصغير، ورشيد برهون، ونور الدين بلغودان، وذلك لسرعتهم ومهارتهم في إنجاز تلك النشرة اليومية المكثفة والبليغة والتي تضمنت عدداً من أهم ما نطق به المسئولون خلال حفل الافتتاح التاسع والعشرين للمهرجان التطواني العريق.   
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون