افتتاح أيام قرطاج السينمائية الـ٣٥ يؤكد على خيار المقاومة.
2024 ,17 كانون الأول
د. أمـــل الجمل:صوت العرب – تونس.
قبل الذهاب لحضور فعاليات حفل افتتاح أيام قرطاج السينمائية الخامس والثلاثين تواصلت مع صديقي المخرج التونسي محمد شلوف فعرفت منه خبر وفاة فتحي الهداوي وهو قامة سينمائية ومسرحية تونسية، شارك خلال مسيرته بفيلم «حلفاوين» للمخرج فريد بوغدير، وفيلم «صفائح من ذهب» للمخرج النوري بوزيد، مثلما تعامل الهداوي مع مخرجين أجانب، من أشهرهم الفرنسي سارج مواتي والإيطالي فرانكو روسي. وقد حاز الهداوي عددا من الجوائز في مهرجانات محلية ودولية.
لذلك، لم يكن هناك أي مبالغة حين قالت مقدمة حفل افتتاح أيام قرطاج - التي تمتد من ١٤ - ٢١ ديسمبر الجاري - إذ قالت الممثلة التونسية سهير بن عمر بقلب دامع في تحية وداع للممثل التونسي الراحل فتحي الهداوي : «كنا منذ ساعات قليلة نودع صديقنا أيقونة الفنّ التونسي فتحي الهداوي إلى مثواه الأخير.. في هذه الدورة من أيام قرطاج السينمائية لا يمكننا إلا أن نستحضر بوجع وفخر الفنان الكبير فتحي الهداوي، فهو قامة استثنائية جعل من الشاشة والمسرح فضاء للإبداع والتميز، وكان صوتا صادقا يعكس هوية تونس وقضاياها للعالم. الهداوي لم يكن مجرد ممثل بل كان قائدا فنيا وروحا ملهمة لأجيال من المبدعين، وأعماله لامست وجدان الجمهور التونسي والعربي، وأضاءت مشهدنا الثقافي لمدة عقود، ورحيله المفاجئ خلف لوعة كبيرة في قلوبنا».
إن الالتزام بدعم سينما الجنوب وثقافة المقاومة عنوان لم يفارق تصريحات المسؤولين عن تنظيم الدورة الخامسة والثلاثين من مهرجان أيام قرطاج السينمائية، الخيارات ذاتها تؤكد ذلك منذ الافتتاح بمدينة الثقافة بالعاصمة تونس، مساء السبت ١٤ ديسمبر، والتي تخللها عرض للأوركسترا السمفوني مع الموسيقار التونسي فادي بن عثمان بعزف موسيقى فيلم "الحلفاوين" للمخرج فريد بوغدير. وقد أضفى حضور الأوركسترا السيمفوني التونسي بقيادة فادي بن عثمان بعدا جماليا على الحفل إذ عزفت مقطوعات من بينها موسيقى فيلم "أطياف" للمخرج مهدي هميلي وتوقيع الثنائي نور وسليم عرجون.  بينما قدم صوت الفنانة الفلسطينية الأردنية دانا صلاح مصحوب بعزف الأركسترا السيمفوني التونسي فعالية "فلسطين في قلب أيام قرطاج السينمائية" الفعالية الأبرز في خيارات المهرجان بحضورها في الأقسام الرسمية والموازية. 
عن جوهر أيام قرطاج السينمائية، استهلت مقدمة الحفل الممثلة سهير بن عمارة كلمتها عن سينما المؤلف والسينما الملتزمة فمند تأسيسها سنة 1966 كانت أيام قرطاج السينمائية منصة لأفلام الجنوب وصوتا للإنسانية وقضاياها العادلة، متمسكة بهويتها العربية والإفريقية ومنفتحة في خياراتها على سينماءات العالم. 
يُخصص قسم "تحت المجهر" في هذه الدورة للسينما الأردنية، التي تحظى بإشعاع لافت في السنوات الأخيرة وللسينما السنغالية الرائدة في مسار السينما الإفريقية. واحتفت الدورة الخامسة والثلاثين من المهرجان في افتتاحها بصناع أفلام البلدين الضيفين الأردن والسنغال. حيث تشهد هذه الدورة تكريم السينما الفلسطينية والأردنية والسنغالية، إلى جانب عروض موجهة للمناطق الداخلية والقرى التونسية وعروض خاصة داخل المؤسسات السجنية. 
 ضمن التكريمات عُرض أيضاً فيديو للراحل خميس الخياطي يعكس شغف الفقيد بالسينما وبجمهور أيام قرطاج السينمائية. ومنح "التانيت الشرفي" في افتتاح أيام قرطاج السينمائية للفنان القدير رؤوف بن عمر والممثلة عائشة بن أحمد التي تحدثت عن فتحي الهداوي وأهدت له الجائزة مؤكدة أنه كان سعيدا بتكريمها وأنه كان ينوي الحضور ويسلمها الجائزة. 
تخلل افتتاح أيام قرطاج السينمائية السبت 14 ديسمبر 2024 عرض لخيارات المسابقات الرسمية من أفلام ولجان تحكيمها لكل من: مسابقة قرطاج للسينما الواعدة - المسابقة الوطنية - المستحدثة في هذه الدورة - ثم المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة والقصيرة- والمسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة والقصيرة التي ترأسها المخرج هاني أبو أسعد وكان الوحيد من أعضاء لجان التحكيم الذي صعد إلي خشبة المسرح معلنا عن انطلاق الدورة الخامسة والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية - وهى لافتة رمزية تؤكد على أن فلسطين في قلب قرطاج.  
في البدء طمئن الحضور بأنه بخير - حيث كان صوته محتقناً مبحوحا- فقال أن هذا صوته الطبيعي، ثم أشاد المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد بالمهرجان وهويته الداعمة لسينما الملتزمة في هذا الراهن العربي الحزين والممزق بسبب الجرائم المرتكبة في فلسطين، سوريا، والسودان مشددا على أن الحزن هو المحرك الأساسي للفن وأن قوة السينما وسحرها يكمن في قدرتها على بعث الأمل والحلم ببناء عالم أفضل.
ثم اختتم الباليه الوطني مصحوبا بالموسيقى الإلكترونية لوضاح العوني حفل افتتاح أيام قرطاج السينمائية، واختار المهرجان لافتتاحه فيلمين: الأول، الفيلم الروائي القصير «ما بعد» (2024) للمخرجة الفلسطينية مها الحاج. وتروي أحداث الفيلم في 34 دقيقة،  قصة لبنى وسليمان، زوجان يعيشان في مزرعتهما المنعزلة، حيث يعتنيان بالمحصول والحيوانات وينغمسان في نقاش اختيارات أبنائهما، إلى أن يظهر في الصورة غريب يعكر صفو حياتهما مُعيدًا إليها الماضي الأليم.
في أعقابه عرض الفيلم الثاني هو تكريم للمخرج والباحث العراقي الراحل قيس الزبيدي والذي غادرنا يوم 1 ديسمبر 2024 قبل أيام من عرض فيلمه المرمم «واهب الحرية» (90 دقيقة) وهو فيلم شديد الأهمية يوثق - في عرضه الأول في تونس - لمختلف أشكال المقاومة اللبنانية والفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في لبنان.
 
 
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون