2025 ,14 نيسان

صوت العرب:الاردن.
ضمن عروضها الاسبوعية المنتظمة، تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبدالحميد شومان، غدا الثلاثاء 15/4/2025، الفيلم المصري الكلاسيكي " المومياء"للمخرج شادي عبدالسلام.
ظهر الفيلم المصري المعنون "المومياء" أو " ليلة حساب السنين" للمخرج شادي عبد السلام العام 1969، مستندا على موروث الحضارة الفرعونية، في اتكاء على وقائع حقيقية، تعود الى العام 1871، عندما كانت تعيش في صعيد مصر احدى القبائل تمتهن التنقيب عن الآثار الفرعونية، ثم بيعها لتجار ومهربي الآثار، لكن يحدث أن يموت شيخ القبيلة، وعندها يقرر أولاده التوقف عن هذه المهنة كونها غير قانونية، تلافيا لاتهامهم بسرقة الآثار، فيتم قتل أحد الأولاد من قبل عمه، في حين ينجح الابن الثاني في الهرب من أجل إبلاغ الشرطة وبعثة الآثار، عن مقبرة المومياء التي تتاجر القبيلة في دفائنها .
يستهل "المومياء" الذي اعتبره النقاد العرب أفضل فيلم عربي، أحداثه بكلمات مأخوذة من كتاب الموتى الذي ظهر قبل أربعة الاف عام، فعلى خلفية صور فرعونية هناك صوت يقرأ كلمات "يا من تمضي ستعود.. يا من تنام سوف تنهض.. يا من تموت سوف تبعث .. فالمحبة لك" .
يعرض الفيلم احداثه في اشتباك بين حاضر مأزوم مثقل بتحولاته، وماضي يفخر بموروث مصري قديم، أنجزه المخرج شادي عبد السلام، وهو القادم من عالم الفن التشكيلي، بأسلوبية بليغة مبتكرة غير مألوفة في السينما العربية، تتميز بقدرتها على الإبهار البصري البديع، وفيها ينتقل بأحاسيس وشاعرية فطنة، عبر زمن يبدو ساكنا، الى أن ينتهي الفيلم بصور لنهر النيل لحظة بزوغ فجر جديد.
تتكامل عناصر فيلم "المومياء" الجمالية، في التعبير عن عالمه في البحث التاريخي، ليرتقي فيها إلى مستوى التحف السينمائية الكبرى، في اشتغال جريء لا يخلو من الرموز والدلالات والاسئلة، التي تحيط بمشكلات مصر، والصراع الدائر حول ماضيها الفرعوني، وهويتها العربية المعاصرة، ومعاناة التوفيق والاختيار بينهما.
يقدم "المومياء" الذي طالما احتفى الغرب بعروضه عبر المهرجانات السينمائية والقنوات التلفزيونية والمؤسسات التعليمية، الكثير من الدروس في مستوى رفيع من الوعي الجمالي والفكري لمفردات اللغة السينمائية، وعلى وجه الخصوص في تعاطي الفن السابع مع عالم الفنون التشكيلية كما يجب أن تكون، وهذا يتبدى أيضا في نص السيناريو القوي، والإخراج اللافت في مشهديته، التي تنهض على اعتناء المخرج في صنع المجوهرات، الصولجانات، عربات البيئة المحلية، والمراكب النيلية، كذلك برع شادي عبدالسلام في إظهار تفاصيل مناخات الحقبة الزمنية التي تدور فيها الاحداث العائدة الى قبيل الاحتلال البريطاني لمصر، وهناك ايضا المكان وطقوسه وفرادته، وكل ذلك يجري من خلال توظيف المخرج الرائع لتقنيات التصوير، وتكوينات كادراته الآسرة، وقطع الإكسسوار والملابس والمونتاج، وكذلك في ادارة شخوصه التمثيلية، خصوصا ذلك الحضور الذكي الفعال القوي للممثل احمد مرعي، بالإضافة الى مجموعة الادوار الموازية لكل من: نادية لطفي، زوزو حمدي الحكيم، وعبدالعظيم عبد الحق، وهي تجمع بين وجود الخبراء الاجانب وجشعهم غير الانساني في استغلال الفلاحين البسطاء، من اجل الاستحواذ على آثار بيئة الحضارة المصرية، وترحيلها من موطنها الأصلي في مصر صوب المتاحف العالمية الكبرى في أوروبا.
عرض فيلم "المومياء" في العديد من المهرجانات العربية والعالمية من بينها: (فينسيا) 1970، (قرطاج) 1970، (باريس) 1970، (لندن) 1970، (سيدني) 1971، (سان فرانسيسكو) 1971، (شيكاغو) 1971، (بلجراد) 1972، (كارلو فيفاري) 1972، (برلين) 1973، ومع ان الفيلم من انتاج وزارة الثقافة المصرية الان عرضه في القاهرة تأخر الى العام 1975، وما زال الفيلم يطوف بعروضه من خلال فعاليات نوادي السينما العالمية المنتشرة في اصقاع العالم.
ومع كل هذا النجاح والصيت والجدل الذي اثاره فيلم "المومياء" لدى عشاق السينما بالعالم، الاّ ان الفرصة لم تسنح له بإنجاز فيلمه التالي المسمى "اخناتون" لأسباب مادية وادارية وأيضا بفعل احكام وقواعد العرض والتوزيع السائدة في صناعة الافلام المصرية.





