حفل توقيع ومناقشة «قضية حميدة» للكاتب طارق الحريري في المركز الدولي للكتاب.
2024 ,28 تشرين الثاني
د.احمد خميس: المؤلف آثر الاتجاه الكلاسيكى الذى يبنى الحدث بمنطق تقليدى بداية ووسط ونهاية وهو منطق لا يفاجئ المتلقى.
المخرج فادي نشأت: مسرحية قضية حميده تعد من النصوص المسرحية الحديثة التى تعالج قضية اجتماعية غاية فى الحساسية وهى قضية الاعتداء الجنسى.
صوت العرب:القاهرة.
احتضن المركز الدولى للكتاب حفل توقيع ومناقشة للإصدار الأحدث للكاتب طارق الحريرى وهى مسرحية صادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وقد أدارت الندوة الكاتبة رشا عبدالمنعم وشارك فى المناقشة الناقدان المسرحيان أحمد خميس وفادى نشأت، كما عرض طارق الحريرى لفكرة النص ومدى تقاطعه مع هموم اجتماعية وقيمية راهنة، حيث يشتبك النص المسرحى مع إحدى القضايا الاجتماعية التى تشغل الرأى العام فى مصر، وتتعلق بالتحرش والاعتداء الجنسى على النساء، وتدور التيمة الرئيسية فى العمل المسرحى قضية حميدة حول أهمية مقاومة من تتعرض لمحاولة الاعتداء من قبل شخص عدوانى منحرف، وقد نجح الكاتب فى أن يقدم فكرته من خلال عمل ابتعد عن المباشرة، والمواقف الخطابية، لذلك اتصف الحوار بالسلاسة والبساطة، وتدفقت الرؤى من خلال حبكة متماسكة، تؤسس للثبات على الموقف والتمسك بالحق، وبصفة عامة بدا البناء الدرامى محكما لاتفاق نمو الحدث مع نمو الشخصيات ومواقفها، واللافت أن المسرحية اختتمت بنهاية مفتوحة ليرسم خيال المتلقى النهاية، ومن ناحية أخرى يشكل بقاء البطلة على قيد الحياة أفقا آخر بعد افتدائها من والدها مما يحمل البشارة والأمل للمستقبل.
وفى كلمته قال المخرج والناقد المسرحى فادى نشأت إن مسرحية قضية حميده تعد من النصوص المسرحية الحديثة التى تعالج قضية اجتماعية غاية فى الحساسية وهى قضية الاعتداء الجنسى، واستطاع طارق الحريرى معالجتها فى قالب يعبر عن البيئة المصرية الريفية كما رسمها لنا الكاتب، وعند التعرض لنص مسرحى يجب مناقشة البنية الدرامية التى على أساسها تطور النص، واستطاع أن يلقى بمردوده الجمالى على متلقيه.
 وفيما يتعلق بالبنية فمن أهم ركائزها الشخصيات الدرامية المحركة للأحداث، وهنا تحضر قاعدة درامية فى غاية الأهمية وهى أن «الشخصيات النموذجية لا تخلق دراما جيدة» وقد جانب الحريرى الصواب فى رسمه لشخصياته الدرامية، حيث إنه أضاف لشخصياته الرئيسية بعدا مثاليا سواء على جانب الخير مثل شخصية سامية المحامية أو حميدة أو الحاج مصطفى أو حتى وكيل المحامية عم سيد، وعلى الجانب الآخر المعلم فتوح وسامح المحامى ومؤمن الشاب المذنب، حيث أيضا كانوا مثاليين فى شرورهم. وعندما يقوم الصراع الدرامى داخل النص من خلال شخصيات مثالية تصبح الدراما متوقعة إلى حد كبير، على عكس الواقع الذى نعيشه، حيث إن شخصياتنا فى الحياة الطبيعية دائما ما تمتاز بامتزاج الخير والشر بداخلها.
وعند التعرض للحوار الدرامى بين الشخصيات نجد أن الحريرى قد أبدع فى رسم لغة مميزة لكل شخصية من شخصياته الدرامية، والتى تتناسب مع مستوى ذكاء وبيئة الشخصية، واستطاع أن يقيم مباراة قوية فى الحوار بين المنطق المغلوط الذى تبناه الشيخ مرزوق والدكتور عابد وسامح المحامى فى دفاعهم ومحاولة مساومتهم للمحامية سامية محامية حميدة حتى تتنازل عن القضية وبين ردود سامية فى تفنيد تلك الآراء المغلوطة والمعلبة التى يحاولون بها الدفاع عن المعتدى. بما أضاف بعدا إصلاحيا جيد جدا للنص المسرحى. نص قضية حميدة تجربة مميزة وجريئة من الكاتب طارق الحريرى فى معالجة قضية الاعتداء الجنسى، يعبر من خلالها عن استمرار الصراع بين الخير والشر.
أما الناقد الدكتور أحمد خميس فقد تحدث عن أسلوب الكتابة الذى تناول من خلاله الكاتب موضوع المسرحية مبينا أن هناك أكثر من طريقة يمكن من خلالها تناول موضوع المسرحية ولكن المؤلف آثر الاتجاه الكلاسيكى الذى يبنى الحدث بمنطق تقليدى بداية ووسط ونهاية وهو منطق لا يفاجئ المتلقى وإنما يشبع الحدث بكل الدوافع الممكنة كما تطرق لمكملات الحدث وأثرها فى بناء النص الدرامى مثل الديكور والإكسسوارات التى يفهمها المتابع ويستوعب أهميتها داخل النسيج.
وأكد أن هناك أنواعا من الكتاب، لكنهم يجتمعون عند نقطة أساسية وهى أن الكاتب معلم للمتلقى يمكنه أن يأخذ من الواقع، لكنه يعيد الصياغة وفق فلسفة عميقة تفهم الحدث وتعيد صياغته بالمنطق الكاشف للمجتمع ومن ثم ضرورى أن يكون المؤلف واثقا من كل القضايا الملحقة بالحدث الرئيسى ويعرف أهميتها وضروريات تضمينها، كما تناول الناقد نهاية المسرحية المفجعة وألمح إلى أهمية تلك النهاية المفتوحة التى تعطى فرصا للمتلقى ليكمل ما تم تقديمه بخياله الخاص ويعطى حيوات جديدة للحدث موضحا أهمية تلك النهاية المفتوحة ودورها فى مستقبل تقديم النص كعرض مسرحى.
بقى القول إن طارق الحريرى عميد متقاعد فى القوات المسلحة، وقد تولى فى نهاية خدمته العسكرية رئاسة تحرير مجلة النصر، وأقام من خلالها مسابقة أدبية كبرى استمرت لمدة عشرة أعوام أتاحت للشباب فرصة التحقق ومنحتهم فرصا، والوجود فى الساحة الأدبية فى مجالات القصة القصيرة وشعر الفصحى والعامية وأدب الطفل. وقد صدر للكاتب من قبل مسرحية «إياح حتب» عن المجلس الأعلى للثقافة وتحت الطبع مسرحية «سر عم جرجس» فى سلسلة المسرح بهيئة قصور الثقافة. الكاتب طارق الحريرى حاصل على دبلوم الدراسات العليا من المعهد العالى للنقد الفنى فى أكاديمية الفنون، وهو كاتب رأى فى الصحافة المصرية.
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون