تأملات رمضانية:أنا أعطى إذا أنا موجود.
2022 ,07 نيسان
نسرين جمعة:صوت العرب – القاهرة.
العطاء سعادة ذاتية و السعادة قرار , يكثر فى شهر رمضان المبارك العطاءات , زكاة , صدقة , الأغلب الأعم منها بالمال , لكن هناك عطاءات أخرى قد لا نلقى لها بالا , كنت أتساءل هل العطاء مقصور على من لديهم قدرة مادية أيا كانت ليعطى من ليس لديهم تلك القدرة أم أن الجميع متساوون فى حق أن يعطى , كما ذكرت العطاء سعادة , فهل يحرم من يأخذ عطاء مادى من الآخرين من تلك السعادة و الأجر عند الله ؟ 
أتصور كلنا علينا أن نعطى , الحياة تكامل و تكافل بين البشر , امكانياتنا , قدراتنا , طاقتنا مختلفة , أراد الله هذا التنوع و الاختلاف حتى نكون جميعا بحاجة لبعضنا البعض .
العطاء أنواع كثيرة بحكم اختلاف القدرات و الامكانيات , العطاء ليس مادى فقط , نحن كبشر بحاجة لأشياء أخرى , العون فى قضاء أمر ما , على سبيل المثال : يمكن لأحد الشباب و ليكن طالب التطوع كل شهر يذهب مع جاره المسن أو جارته لقضاء احتياجاته , رعاية المسنين مطلوبة فى مجتمعاتنا و لها عظيم الأجر ...قد يكون أحد المرضى فى محيط معارفه بحاجة للسؤال عنه ....قد يحتاج أحد طلبة المدارس بحاجة لمساعدة فى استذكار دروسه و لا تستطيع الأسرة دفع مبالغ للدروس ...و غيرها الكثير و التى قد لا أعرفها.
العطاء بحاجة إلى إخلاص و صدق , فمن يعطى تكون لديه الرغبة و الحماس فى مساعدة الآخرين بصفاء و نقاء غير منتظر مقابل , الأمر مرتبط بالنوايا فقط و الله وحده المطلع على قلوب الناس .
الفرصة دائما متاحة للجميع بالتواجد فى ساحة العطاء و ننهل من نبع السعادة التى تسرى الروح و تبدد الآلام و الهموم , نستهين بأى مشكلة حينما نتعايش مع ظروف الآخرين , نشعر جميعا بالدعم , الترابط , التكاتف و التعاون , لن نشعر بالوحدة مادمنا سند لبعضنا البعض بصدق و إخلاص .
أدعو الجميع لنشر ثقافة العطاء بمعناها الشامل , برحابة و مساحة أوسع من تلك النظرة الضيقة للعطاء , علنا فى زمننا هذا الذى سيطرت عليه الأدوات التكنولوجية الانفصالية المدمرة لكل العلاقات الإنسانية بحاجة لكسر هذا الحصار التكنولوجى...أبسط الأمور لا نعتمد دائما على كيبورد التليفون لنتواصل , نعطى فرصة لأنفسنا بالعطاء الجميل و التواصل الحسى بالصوت , نتحدث و لو لدقائق معدودة مع بعضنا البعض , هذا أيضا نوع من العطاء .
أدعو أيضا كل من لديه القدرة على نفع الآخرين فى محيط مجتمعه فليفعل و لتكن تلك صدقته سواء كان لديه مال أم لا , لننشر تلك الثقافة المجتمعية حتى نحقق التوافق المجتمعى , نعى مسئوليتنا , نحترم قدراتنا فليست كل الامكانيات مادية فقط , الصحة , الخبرة , الوقت و الجهد هى أيضا قدرات و امكانيا تقدر و تثمن , التقييم لابد أن يكون شامل و أرحب حتى نستفيد جميعا بالعطاء و تتحقق السعادة الحقيقية لمن يبحث عنها.
ليس هناك من يعطى فقط و لا من يأخذ فقط , الحياة عطاء متواصل.
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون