هل يعيق الإسلام التقدّم ...أم يلهمه؟.
2022 ,01 شباط
رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد
.خالد شوكات: صوت العرب – تونس.
يرقد الزعيم الماليزي العظيم الدكتور مهاتير محمد في المستشفى منذ أيام اثر أزمة قلبية، سائلين المولى أن يشفيه ويمد في أنفاسه ويجازيه عن هذه الأمة كل خير، فقد أعاد إليها الثقة بالنفس وقدرتها على تحويل دينها الاسلام مصدر قوة وإلهام لمواكبة العصر وربح رهانات التقدّم، وألهم الكثير من قادتها في عدد من دول العالم الاسلامي - غير العربي للاسف- للسير على خطاه وبناء تجارب تنموية رائدة في بلدانهم وقيادة شعوبهم في اتجاه التحضّر والنمو الاقتصادي والمالي الخارق دون تقليد او احتقار للذات او تخلٍّ عن هويتهم الاسلامية.
لقد أثبت الدكتور مهاتير محمد للمسلمين والعالم أن الاسلام لا يعيق قدرة شعوبه على الأخذ بزمام التكنولوجيا وبناء مجتمعات ديمقراطية تعددية ذات دول راقية وحكومات نزيهة ومدن نظيفة يلتقي في عمرانها الطابع العصري حيث ناطحات السحاب والطرق السيّارة والمطارات والموانئ العالمية مع البناءات الساحرة والمساجد الجميلة الأصيلة وباقي اماكن العبادة لأقليات تتعايش معا في سلام وتشيّد سويّاً المستقبل الزاهر..
وعلى خطى مهاتير تسير بلدان إسلامية اخرى كتركيا وإندونيسيا وباكستان، معتمدة ذات الخلطة الحضارية القائمة على هوية إسلامية عصرية ديمقراطية يساهم من خلالها المسلم المعتز بدينه وثقافته الاسلامية في تطوير العلوم والتقنيات والصناعات وإفادة الانسانية جمعاء.
لقد كان الدكتور مهاتير متأثرا بتجربة اليابان ليس فقط في الاخذ بزمام التكنولوجيا، بل في جعل الدين وفقا لتأويل صحيح ذا بعد حضاري وانساني عاملا ملهما ومعززا للسلوك الفردي والجماعي، فديانة الشنتو كانت في قلب النهضة الحضارية اليابانية، وهو امر لا نعدمه في جل تجارب النهوض الاخرى بما في ذلك التجارب الغربية، التي تدين في مجملها لحركة الاصلاح الديني اللوثرية والكالفانية، وللديمقراطية المسيحية، فالدين اذاً مصدر طاقة وإلهام وتوازن وضرورة حضارية للمجتمعات والامم التي رزقها الله قيادة جيدة معتزة بذاتها رحمة للعالمين لها أسوة في سيد المرسلين.
بارك الله في الدكتور مهاتير محمد الذي تولى السلطة في بلده بالصدفة سنة 1980 في نفس السنة التي تولى فيها سي محمد مزالي رحمه الله السلطة وبذات الافكار تقريبا، ولكن مع فرق شاسع في النخبة المحيطة بين تلك الأصيلة المعاصرة التي كانت عوناً للأول، ونخبة مستلبة مقلدة كالتي تآمرت على الثاني وما تزال تفعل مع كل مشروع يأبى الخنوع الدولي ويطمح الى تجربة في التقدم على قاعدة هوية حضارية فاعلة.
رئيس المعهد العربي والديمقراطية ووزير سابق.
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون