ماكرون عاريا..!!؟.
2022 ,24 تشرين الثاني
*د.خالد شوكات : صوت العرب – تونس.
بالنسبة لي، فإنّ أهم منجز خرجنا به من القمّة الفرنكوفونية، إن لم يكن المنجز الوحيد، هو أنها كشفت لنا حقيقة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون..لقد وقف عاريًا أمامنا، بنظرته "الاحتقارية" البائسة  لنا كتوانسة، لا نستحق برأيه الديمقراطية  بمعانيها المستقرّة في الغرب، وبتفويضه لرئيسنا الذي يعلم كيف يتصرّف معنا، فقد ظننا للحظة أن الرجل بالنظر إلى سنّه وخلفيته ينتمي إلى جيل جديد من القادة الأوربيين أكثر تقدّمية، يريد أن يعتذر عن جرائم الحقبة الاستعمارية ويطمح الى بناء علاقات أكثر احتراما وعدالة مع شعوب الجنوب وبلدان العالم النامي، لكن هذا التقدير سقط في الماء من خلال سحنات وجه ممتقع في جربة يقطر تعاليا، وعبارات ذات دلالة تشير إلى من وقف وراء الانقلاب على مسار الانتقال الديمقراطي، وتؤكد استمرار ذات الرؤية لدى الدولة الفرنسية العميقة التي يبدو ان ارتباطها عضوي بالمصالح الاستعمارية في بلادنا ومنطقتنا وقارتنا.. 
ولهذا وغيره، يبدو أن معركتنا أكبر من معركة من أجل الديمقراطية.. بل هي معركة استكمال الاستقلال..الاستقلال الثاني..الذي يشمل استعادة المسار الديمقراطي، كما يشمل ايضا الكفاح من أجل علاقات دولية أكثر عدلا وتوازنا وندّية..وهو ما يفهم من معارك تخوضها اليوم بلدان شقيقة في جنوب القارة السمراء خاصّة، في مالي وبوركينا فاسو وغيرهما، لم تجد بدّا من استعادة وهج الحركة التحررية من أجل طرد المستعمر الذي تسلّل من الشبابيك والنوافذ المشرعة على الاقتصاد والاستثمار غالبا، وعبر الوكلاء المباشرين وغير المباشرين عمليا، فعندما تتكرّر الأخطاء تكون غالبا تأكيدًا على سياسات ظالمة لا يمكن للشعوب المظلومة إزاءها إلّا أن تكون راديكالية ومباشرة..لأن حجج الاعتدال حينها تكون غير مقنعة للمعنيين بها..تماما كما هو الصراع الداخلي في فرنسا نفسها، فحين تتعرّى فرنسا الماكرونية فلن يكون للفرنسيين من خيار سوى فرنسا الأبيّة..والأبيّ صفة الانسان مكتمل الحرّية.
 *كاتب ووزير سابق من تونس.
 
 
 
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون