فرقة الدن العمانية...مهرجان يختزل العالم بمسارحه وفنونه.
2023 ,12 تشرين الثاني
يوسف الحمدان :صوت العرب – البحرين.
في وقت شحت فيه إمكانات كثير من وزارات الثقافة في وطننا العربي عن تنظيم وإقامة مهرجانات مسرحية تعكس مدى اهتمامها المتوقع والمفترض بالمسرح والثقافة والفنون، تتصدى فرقة الدن للمسرح والثقافة والفن بسلطنة عمان لإقامة مهرجان مسرحي دولي يستقطب العالم ليحتفي بفنونه المسرحية فيها وليفسح المجال أمام كل المسرحيين وجمهورهم وخاصة في وطننا العربي لمشاهدة ومحاورة شؤونهم المسرحية الراهنة والمعاصرة تحت شعار ( أهلا بالعالم في سلطنة عمان ) ، وهو إنجاز ثقافي مميز وفريد خاصة وأنه اتكأ على جهود فرقة شابة يقودها التحدي والإصرار الذي تولى قيادتهما الفنان الشاب صاحب الرؤية الثقافية الثاقبةوالبعيدة محمد بن سالم بن عبدالله النبهاني رئيس الفرقة وكتيبته المثابرة الرائعة بالفرقة نفسها ومستشار الفرقة الفنان والصديق الرائع طالب بن محمد البلوشي ومن تطوع معهم للاحتفاء بهذا المهرجان وضيوفه من مختلف شتى الأقطار في العالم ، ولتتم مباركته بدعم وبعزم أكيد من لدن رئيستها الفخرية تغريد بنت تركي بن محمود ال سعيد والداعمين لهم من بعض المؤسسات الحكومية والخاصة في السلطنة ..
في هذا المهرجان المسرحي الدولي الذي أتيحت لي فيه فرصة مشاهدة ومتابعة دورته الدولية الأولى بعد ثلاث دورات خليجية وعربية أول ما استوقفني فيه حفاوة الاستقبال بدءا من مطار مسقط الدولي وحتى وصولنا موقع إقامة الوفود المشاركة ، شعرت لحظتها بأنني محفوف باجنحة فراشة رهيفة لم تشعرني على الإطلاق بثقل وطأة الدرب أو زمن المسافة والانتظار من وإلى مكان الإقامة،  كانت الإبتسامة وهمس الطريق رفيقين لي من أول يوم بمسقط العالم وحتى لحظة مغادرتي منها..
حينها تساءلت: ولكن أي المسارح تلك التي ستستوعب ثلاثة مهرجانات في مهرجان واحد ؟ وأعني بذلك كيف سيستوعب هذا المهرجان مسرح الطفل ومسرح الشارع ومسرح الكبار؟  لأجدني متسمرا أمام فك اللغز والعقدة من خلال إرادة جبارة اكتنزت بها طاقة وروح كتيبة هذا المهرجان الذي اختزل ثلاثة مهرحانات في مهرجان واحد تقاربت دروبه ومرافقه وتجمعاته ويسرت الفرجة أمام الضيوف والوفود والمتلقين من الجمهور لمشاهدة ومتابعة فعالياته كلها من عروض وندوات فكرية وتطبيقية..
فقد تمكنت كتيبة المهرجان من صناعة وإعداد خشبات وقاعات وساحات مسرحية لائقة بالعرض والمشاهدة والمحاورة بامتياز، فمن ساحات خالية إلى بنى مسرحية مميزة وذلك بالتعاون مع جمعية السيارات العمانية التي يسرت كل الدعم والتسهيلات للكتيبة لإقامة هذا المهرجان 
بمختلف الإمكانات التكنولوجية والضوئية التي تتميز بها القاعات المسرحية الاحترافية، لتثبت هذه الفرقة بأنها أشبه بوزارة أو شركة تدرك من خلال خبرة طويلة سبل العمل الاحترافي في مجالاتها العملية والمعملية ، مثلما أثبتت بأن هذا المهرجان صنعته عقول وأيد عمانية بامتياز، ودليلنا إلى ذلك حفل ختام المهرجان الذي اكتظت خشبة قاعته الكبرى بالداعمين والمتطوعين لتقول للعالم كله بأن سلطنة عمان كلها مع المهرجان وكلها المسرح وكلها العالم، وكان ذلك المشهد مؤثرا بالفعل على كل ضيوف المهرجان الذين وقفوا وقفة إجلال واكبار وتقدير وامتنان لهذه الحزمة الخلاقة للمهرجان..
كما استوقفني في هذا المهرجان الحب العماني اللامحدود للفعل المسرحي بشتى اتجاهاته وتنويعاته المسرحية وخاصة في مسرح الشارع، فسلطنة عمان لم تغب عن المشهد المسرحي العالمي والمسئول، مثلما لم يغب كل الوفود عن وليمة الحب والود في ضيافة المخرج المبدع الصديق يوسف البلوشي .
وفرقة الدن لم تغب أيضا عن المشهد التضامني مع فلسطين وضحاياها الأبرياء حتى آخر لحظة في هذا المهرجان، بل جعلت من هذا المهرجان ساحة تضامنية يومية مع فلسطين ومنبرا للتنديد بعدوان إسرائيل الغاشم ، بل خصصت في هذا الصدد محورا فكريا لمناقشة الحال المسرحية في فلسطين الأمر الذي ربطت من خلاله المسرح بقضاياه الراهنة ومنها قضية فلسطين..
وفي هذا الصدد أشيد بجهود كتيبة الدن باختيارها الأوقات المناسبة لفعاليات المهرجان وخاصة الندوات الفكرية التي غالبا مايغيب عنها المسرحيون في مهرجاناتنا العربية بسبب إقامتها في أوقات غير مناسبة للتجمع، إذ اختارت الوقت المناسب لاقامتها مساء بعد عروض مسرح الطفل والتي تحاذي قاعتها القاعة الكبرى لعروض مسرح الكبار، فلم تفتنا بذلك ندوة واحدة بل كان الحضور جميعه فاعلا فيها..
استوقفني أيضا في هذا المهرجان تنظيم كتابته مسابقة خاصة بالإعلام المسرحي، لتحفز كل الموهوبين والمؤسسات الشبابية الخاصة للمشاركة فيه ، لتدعم بذلك مهرجانها وليصبح العالم على مقربة من المهرجان والمسرح في السلطنة ، هذا دعك من إعلام الفرقة نفسها الذي يتابع المهرجان بشتى الوسائل والوسائط، ولي أن أشيد في هذا الصدد بالجهد الإعلامي المميز لنشرة المهرجان برئاسة نحلته الإعلامية الصديقة صفاء البيلي التي تمكنت فعلا بتغطية ثلاثة مهرجانات في مهرجان الدن الدولي الكبير..
هذه الكتيبة الرائعة هيأت لنا فرصة التعرف على أصدقاء مسرحيين رائعين جمعتنا معهم أفكار ومشروعات آن لها أن تتفعل في أيامنا المقبلة وان لها أن ترى النور في مهرجان الدن الدولي القادم، نعم مشروعات ضمتنا وجمعتنا حتى الصباح معا في غرفة 121 والتي حفزها الصديق الكاتب والمخرج العراقي ماجد درندش بحماس مني ومن الاصدقاء  نجمة الأردن الاولى عبير عيسى والفنانين العمانيين الرائعين فارس البلوشي والخطاط الرسام عارف الخروصي..
سلطنة عمان التي أزورها ضيفا بعد غيبة جاوزت العقدين جمعني مهرحانها الدولي المميز، مهرجان الإبداع المسرحي ، بكل الاحبة فيها، فشكرا صديقي الفنان الدولي القدير محمد بن سالم بن سعيد النبهاني ولرئيسة الفرقة الفخرية تغريد بنت تركي بن محمود آل سعيد  ولكتيبة الدن الرائعة على إتاحة الفرصة لي لاحتفي معكم بهذه التظاهرة الدولية الأولى ومزيدا من التألق والابداع ..
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون