المسرحية التونسية"الحشاشين":صراع رجال السياسة ورجال الدين على السلطة.
2023 ,21 أيلول
دعاء مأمون:صوت العرب – الاردن.
ضمن فعاليات مهرجان صبف الزرقاء المسرحي العربي الحادي والعشرين عرض على مسرح حبيب الزيودي المسرحيه التونسيه (الحشاشين) التي ماهي الا دراسه نفسيه من نوع خاص حول ما تمر به الدول العربية من ظروف صعبة مشحونه بعواطف كثيره شائكه واحيانا مستحيله وجعلت من الحياه هدفا هو الانتقام الجماعي من كل من كان السبب في المصائب التي توالت على الساحه منذ مختلف العصور فهنالك دائما في اي مجتمع ثلاث فئات تمثل رجال الدين والعلماء واصحاب الحاشيه"السلطه" 
جسدت المسرحيه الماساة التي نعيشها منذ قدم الازل وتصوير واضح لسلسلة اعمال القتل التي تنال من الشعوب وسهولة التبرير للاقدام على الحرب آخذين بالاعتبار ان هذه الجرائم التي ترتكب هي فوق كل صبر 
فرجل الدين (حسن الصباح )مؤسس حركة الحشاشين يضع قانونا يحث فيه على القصاص والحد من المجرمين فهو من وجهة نظره صاحب مهمة مقدسه اختصه الله بها فنذر حياته لها ويستحق القياده لانه مكلف بكل ايمان من الله لاعلاء كلمة الحق
اما نظام الملك يرى بدوره انه يستحق القياده لانه استطاع النجاة من المكائد ومَلَكَ حق الردع فهو القانون وهو صاحب البنيان وانشاء المكاتب والمدارس والمكتبات وهو ايضا خلق من اجل ميادين القتال 
نفهم ضمنيا من المشاهد المسرحيه ان كلا الاثنين ينهجان نفس المنهج وان القوه والصرامه هما السبيل الوحيد للنجاة والاستمرار و انهما يريدان كلاهما الانفراد بالسلطة السياسية 
اما من وجهة نظر عمر الخيام,الذي يعشق الحريه ويتردد على بلاط الامراء والوزراء ماسكا باسرار النجوم والفلك عالما بالرياضيات والشعر يرى الصراع مأساة حقيقيه ويدافع عن نظريته ضد الطغيان ويعيش الخيام كل لحظاته حرا فهو لا ينافق نظام الملك ولا يتحد معه ولايود ان يجر الناس نحو متحجري العقول وينجرفون نحو حركة الحشاشين 
هو صاحب نظره ايجابيه ويرفض القاء المسؤوليه جانبا, واعيا بالتيارات الفكريه والادبيه التي كانت في عصره وكان له موقفا واضحا منها,فهو لايريد الحكم رغم صداقته مع نظام الملك وحسن الصباح ويبحث عن الحقيقه ليظهرها ففي حواره مع الصباح في المسرحيه يقول الخيام لصاحبه:عندما تتعدد الاراء تضيع الحقيقه فالوحده هي الحقيقه وهي الحق وبالكثرة تضيع الحقيقه
يكشف لنا الخيام بحواره مع اصحابه قضية الحرب بين الممنوع والمسموح منذ الازل وعبثا مايحاول الخيام في ازاحة الصراع الذي تجسد واضحا في المشهد الاخير لحظة اقتتال نظام الملك وحسن الصباح الذي بدوره انهى المسرحيه هاتفا: الشعلة لا تحترق مرتين والوردة الذابله لا تزهر ثانيه
هذه المسرحيه بارعة وذكية تُعامل موضوعها الصعب معاملة رشيقه فاهمه ,مزجت بين الفكرة والفكر والفرجه المشهديه ووازنت بينهم موازنه عادله,وبينت النزاع بين السلطه ورجال الدين على الحكم  بشكل واضح وصورت الواقع بصورة طبيعيه وشرحت لنا شرحا دراميا ان العالم كله مقسما بين هاتين القوتين , رجال السلطه ورجال الدين .
تنتزع هذه المسرحيه الكثير من واقعنا المعاش وبرايي الشخصي ان هذه المسرحيه الجريئة تشير الى ان لدينا الكثير من الادب بين رفوف مكاتبنا  ونحتاج للمزيد من تطويع هذا الادب لخدمة المسرح العربي وتوثيق هذا الادب مسرحيا
نجح ديكور المسرح في اعطاء العمل الشكل الواقعي للمسرحيه ووقت زمنها وخدم العرض وتكامل مع باقي الفنون الاضاءه والصوت والموسيقى وخدم فكرة العرض،كما ساهمت الازياء والاكسسوارات في تكوين المشهد الدرامي وخلقت بذلك البيئه المناسبه للفرجه وكان عامل رئيسي في تشكيل البعد المكاني والروحي.
مسرحية " الحشاشين" من إخراج الفنانة "دليلة المفتاحي" عن نص "إبراهيم بن عمر", دراماتورجيا "دنيا مناصرية "تمثيل "لطفي التركي و ناجح بن محمود و كمال الكعبي" وصياغة موسيقية "بلال بن سليمان", اضاءة "محمد رشاد ".
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون