مونودراما"قبل الشمس" للفنان "حسن درويش: اليك هناك... لعنة بيتك الباقي.
2023 ,18 آب
دعاء مأمون: صوت العرب – الاردن.
ضمن عروض مهرجان الزرقاء للمونودراما بدورته الاولى في مركز الملك عبدالله الثاتي الثقافي وعلى مسرح حبيب الزيودي للعام ٢٠٢٣وثامن ايام المهرجان ،عرضت المسرحيه الاردنيه المونودراميه "قبل الشمس"من اعداد واخراج وتمثيل حسن درويش.
تبدا مونودراما قبل الشمس بمشهد دخول الممثل فرحا وفي يده رساله وصلته من صديقه الوحيد المغترب خارج الوطن بعد انقطاع دام لاعوام فيبدأ مخاطبا الرساله قبل قراءتها مستحضرا من خلالها صديقه الغائب واصفا معاناته الشخصيه فيقول :(قميصي غارق في الدم ياخلي يحِرّ في لحمي وجبيني مثقل بالوحل ) …ومازال يكشف عن كابوسه الداخلي المستلب سياسيا واجتماعيا وانسانيا ومازال يرحب برسالة صديقه ويقول :اقول اليوم للاحزان دعيني الآن فإن رسالتك ويقصد بها صديقه تشد يدي وتنشلني الى القمه وتمسح عن جبيني الوحل 
ونراه يفتح الرساله ويتمعن بها، ونلاحظ تغييرا في ملامح الممثل ويعتريه الغصب والاضطراب وكأن ما جاء في الرساله كان كافيا ان يقتله  فيسود الصمت ونرى مشهدا استهلاليا تعبيرا للحاله الكابوسيه التي يعيشها ويستمر بالقراءه فيقول حزينا:رسالتك "ويشير هنا الى صديقه" التي حطت على بابي جناح ملاك ويطرح سؤالا استنكاريا لماذا حين فضتها يداي نفضت اشواك على وجهي وفي قلبي؟
ويسرد معاتبا "اخي الغالي كتبت اليّ مزهوا تحياتي واشواقي تطير إليك حيث تموت فدى الباقي من التافه من ميراثك الباقي —تحياتي واشواقي"
تبدأ هنا مع هذا المشهد تداعيات الممثل وخيبة الامل ويدخل في حالة من الاضطراب والهذيان والغضب لما جاء في الرساله وتنطوي حركاته جيئة وذهابا في المسرح على تلميحات واشارات الخذلان وهنا يذكر صديقه عن حياته وماضيه في الوطن الحبيب من خلال وقائع مترابطه وذكريات تتعلق باللعب اثناء الطفوله وذكريات الحبيبه ،تكشف لنا مدى اغتراب شخصية الصديق التي انقطعت عن الوطن وبات غريبا عنه .
تتخلل العمليه السرديه انتقالات وتحولات ويخلط حسن درويش بين الواقع والماضي والحاضر وماهو واقعي وجنوني ،خلق بالعرض تراكمات شخصيه نفسيه ساعدت على اثراء السرد كشفت عن الحياه الداخليه للشخصيه المونودراميه فبراي الممثل المتجلي ان الوطن ينتظر ابطاله ليخلصها من عذابها ويراعي فيها الجذور ويعزز الانتماء 
قرر الممثل في هذا العمل توضيح فكرة الاغتراب السياسي بجميع ابعاده وعناصره خصوصا الاجتماعية والنفسيه، واعطاه حسا دراميا فنيا وغير مباشر.
واخذ في المسرحيه حوارا مع الذات ومع الصديق فاصبح يخاطب الرساله على الكرسي الفارغ واختار باداءه لهذه المونودراما رغم انه يعاني اليأس والعجز والاراده المستلبه الا انه لايزال هنالك اراده مستقيظه وغير مستسلمه وقرارا بالصمود والمواجهه ويرد على صديقه قائلا :
اخي الغالي ..إليك هناك في الغربه ،إليك هناك حيث تموت كزنبقة بلاجذر كأغنية بلا مطلع كعاصفة بلا عمر إليك هناك حيث تموت كالشمس الخريفيه بأكفان حريريه اليك هناك ياجرحي وياعاري 
ياساكب ماء الوجه في ناري 
إليك إليك من قلبي  المقاوم جائعا عاري 
تحياتي واشواقي ولعنة بيتك الباقي
تلعب المؤثرات والموسيقى وظيفة مهمه رغم قصرها فساعدت على الكشف عن ابعاد الشخصيه وعالمها المشحون فضلا عن تعامل الممثل مع مفردات العرض واستخدامها باكثر من دلاله ساهمت في تحرير الشخصيه واطلاق ارادتها وكان في مشهد الجدار استعراضا حيا على ارث ومخزون حضاري لرموز الوطن وانتماؤهم ،اختصرت على اظهار جوهر الانسانيه والانتماء 
وختم حسن درويش المسرحيه مودعا لصديقه :
وداعا خلي الغالي وداعا ياصديق الامس
فإن اكف اصحابي الان تدعوني لنبدا رحلة الاجيال قبل الشمس
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون