المسرحية الغنائية الفلسطينية" غربة حب":عمل فني متكامل محمل بالرسائل الانسانية.
2022 ,04 آب
لقطة من المسرحية الغنائية" غربة حب".
غنادري: الاردن اول دولة تستظيفنا..ونامل ان تكون "جرش" بوابة الدخول الى الدول العربية.
اميمة خوري:جرش مهرجان عريق وتواجدنا هنا  فرصة عظيمة للتواصل مع اهلنا في الاردن.
رسمي محاسنة: صوت العرب – جرش – الاردن.
في عمل ابداعي متكامل، عاش الجمهور الكبير على المسرح الشمالي، مع احداث العمل المسرحي "غربة حب"، لفرقة الجوقة، القادمة من الداخل الفلسطيني.
تبدو حكاية العرض بسيطة، عن التمايز الطبقي، وانعكاس ذلك على العلاقات الانسانية، لكن في التفاصيل، هناك لوحات مشبعة بالاتقان، تشكل عملا ابداعيا، فيه التناغم مابين مختلف عناصر العرض، من موسيقى، وحوارات شعرية، واداء الممثلين، وتشكيلات فلكلورية،ضمن رؤية فيها روح التجريب، ولعل الملفت للنظر هو وجود الاوركسترا في المشهد المسرحي طوال العرض، دون ان تترك اي اثر بانها كتلة جامدة، او استخدام زائد،انما متواصلة مع عناصر العرض الاخرى، وهي تحسب للمخرج الذي امسك بكل عناصر العرض بحرفية عالية.
العرض يحكي قصة الحب بين "سامر" الحطاب،ابن العائلة الفقيرة، الذي وقع في حب "ليلى" بنت المختار" بما يمثله من نفوذ وسلطة"،وتاتي عائلة "سامر" حسب الاعراف الاجتماعية، لخطبة "ليلى"، لكن والدها المتعجرف والمتعالي،يرفض بسبب فقر سامر وعائلته، وانه يبحث لابنته عن "راحة البال" مع شخص غني.
ويظهر"مرعي" الغني والفاسد، يقدم الهدايا للمختار،وهنا يبرز دور المرأة، حيث ترفض الام هدية "مرعي"، وتعتبرها نوع من الاهانه، وان ابنتها ليست للبيع، وهكذا تتطور الحكاية حتى تصل الى المشهد المؤثر، في لقاء الحبيبين، عندما يقرر "سامر" الانسحاب من حياة ليلى.
لكن القوة المعنوية للحب، كقيمة انسانية عالية، تنتصر في النهاية، ويعيد الاب حساباته، وينظر الى الحياة بمنظار جديد،يرى فيه جوهر الانسان، وقيم الصدق والحب الصافي.
كل ذلك في حوارات شعرية متواصلة،مابين التمثيل والغناء، في ايقاع متماسك، دون الوقوع في الاعادة او فراغات في العرض، والحان تمزج مابين الموروث،في استحضار للذاكرة الجمعية، ومابين المعاصر،موظفة بذكاء لتشكل اطارا فنيا للحكاية.
وخلف الحكاية هناك اسقاطات لها علاقة بالفقر والحب والحرية والبطالة والنظرة الاجتماعية المتخلفة ،وبدون شعارات فاقعة،يحس المتلقي بان كل هذه التناقضات تدور تحت الاحتلال،والام "زوجة المختار"، قد تكون الوطن،كما يعطي العرض دورا واضحا للمرأة، بارادتها القوية، وقدرتها على قول "لا" كبيرة،ودفاعها عن قناعاتها، فالام لم تتردد لحظة واحده في دعمها وتعزيزها للحب، كقيمة جميلة، ولم تخضع لسلطان المختار، في رفضها لهدايا مرعي، وكانت صاحبة دور كبير في تحويل قناعات زوجها، وهو انعكاس للدور الحقيقي للمرأة الفلسطينية، الحاضرة بقوة في المشهد النضالي والاجتماعي والثقافي.ومثلها ابنتها"ليلى"،رغم عدم امتلاكها لادوات الرفض" اجتماعيا"، الا انها تمسكت بحبها وقناعاتهافي اجواء الاحباطات، وكل الظروف التي لم تكن في صالحها.
"غربة حب"،عمل مشغول باتقان مثل"الدانتيلا"،شعرا وتمثيلا وموسيقى وغناء ورقص،وديكور يحمل دلالاته، وكذلك الازياء والوانها المدروسة، المعبرة عن الطبقة الاجتماعية التي تنتمي اليها الشخصيات،والشجرة العتيقة المتجذرة بالارض، في وحدة فنية متكاملة، ومحمل بالرسائل الظاهرة،والغير مباشرة، بعيدا عن الخطاب المحنط، والشعارات الفاقعة، ونأمل ان تكون"جرش" بوابة عبور لهذا العمل المتقن الى العالم العربي.
"غربة حب" من تأليف الشاعر السوري "حسام خليفة"، وإخراج " سليم ضو" وتلحين "سامر بشارة"، وتوزيع موسيقي وقيادة الأوركسترا الموسيقية " بشارة الخل"، وتصميم ديكور وملابس أشرف حنا، وهندسة إضاءة معاذ جعبة.
وقد أسست جوقة سراج عام 2004 في قرية الرامه الجليليه في الداخل الفلسطيني تحت رعاية وادارة جمعية سراج، اهتمت الجوقة بجمع العديد من المواهب من جيل الشباب في إطار “عائله واحدة” بشكلٍ يساهم في اثراء الحياة الفنية والثقافية في المجتمع
 الطاقم الفني:ورود جبران، ولؤي سروجي، وشلبي يونس، وبلسم درويش،ونور درويش، وبوليانا قسيس،وبولين حايك،ولونا سروجي، ويوسف سرحان، وماريو كرام، وخالد كيوان، ونزار غنادري،وورامي ابراهيم.
وفي تصريح ل"صوت العرب" قال مدير عام جمعية سراج، "زهير غنادري":هذه الليلة كانت حلم بالنسبة لنا، بالوقوف على هذا المسرح العريق،امام الجمهور الاردني، ومنذ لحظة وصولنا، وجدنا الترحيب من الجميع، والشكر لادارة مهرجان جرش على هذه الدعوة، والتي نأمل منها ان تكون بوابة الى العالم العربي،ونفتخر بان الاردن هي اول دولة تستضيفنا،ونعرض اعمالنا فيها، وهذا ليس غريب على الشعب الاردني، الداعم الدائم لنا في فلسطين".
المديرة التنفيذية للجوقة "اميمة خوري" قالت"نعتبر تواجدنا هنا، فرصة عظيمة للتواصل مع اهلنا في الاردن، هذا الشعب الاقرب للشعب الفلسطيني، والمشاركة في مهرجان جرش، تفتح لنا ابوابا كثيرة باتجاه الدول العربية،فالمهرجان له اسمه وتاريخه وعراقته، ووقف على مسارحه نجوم وفرق العالم العربي ومن العالم،ونشكر جهود كل القائمين على المهرجان،بما لمسناه من تسهيلات، وحرص على ان يظهرالعرض بافضل صورة.ونرجو ان تكون بداية جديدة للفرقة باتجاه العالم العربي".
وفي نهاية الهرض، قام مدير المسرح الشمالي - مدير سياحة جرش، بتقديم درع المهرجان لمدير الفرقة"زهير غنادري" تقديرا وتكريما لمشاركة فرقة  سراج في جرش 2022.
مدير المسرح "الخطاطبة" يقدم درع المهرجان لمدير الفرقة"غنادري".
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون