علاقة السينما بالادب: رواية "الحب في زمن الكوليرا" ل"ماركيز" نموذجا.
2022 ,07 حزيران
بوستر فيلم " الحب في زمن الكوليرا".
دعاء مأمون : صوت العرب – الاردن.
كثيرة هي الأعمال السينمائية استندت على الرواية بشكل كبير فأحيانا الفيلم يقدم خذلانا للرواية واحيانا اخرى يخدمها وبأسلوب مبدع واعمال غابرييل غارسيا ماركيز الحائز على جائزة نوبل للآداب تجمع بين روح السينما وجمال الروايه وجمال الرؤيا الاخراجيه ،
فالخيال الروائي الذي يقدمه غابرييل ماركيز في رواياته من أمكنه وشخوص الرواية وأحداثها وحتى الحروب والاوبئة والافتراضات التي يفرضها ذهنه بكل اسقاطتها الفكريه والاجتماعيه والثقافيه
فمثلا عندما تؤخذ روايه اخرى لمؤلف اخر فإن الخيال الروائي يختلف هنا مع إمكانية توظيف الرواية للفيلم،،فيحاول المخرج جاهدا اقتباس الفيلم وتوظيف الشخوص واعادة كتابة الروايه بسيناريو يخدم الفيلم لعرضه سينمائيا ،والفيلم هنا سوف يختلف بالصوره والخيال عندما نقرأ الرواية .
ونجاح الفيلم او فشله يكون بشكل تقديمه ودائمًا مانسمع عن قلق الروائي من تحويل روايته إلى فيلم سينمائي لأن مايدور في الروايه من وصف دقيق ومشاهد وخيال لا يمكن نقله جميعه وتجسيده الى السينما الا بتصرف وذكاء من فريق كامل من المعدين الكتاب والممثلين والمخرج كما ان الاعتماد الكامل على "الكلمة" في الرواية لوصف المشهد والمشاعر الإنسانية وكل الاسقاطات التي ارادها الكاتب ،واحكام زمانيه ومكانيه 
فالفيلم هو عمل ادبي من نوع خاص والروايه هي عمل فني مستقل وكلاهما موجودان لهدف اعطاء المتلقي المتعه والفائدة .
واسلوب غابرييل ماركيز الادبي الروائي اقرب الى الواقع الذي يجمع بين الخيال وبين الحكايات الشعبيه ،وعلاقته بالسينما علاقه كبيره فقد درس السينما حيث كان يريد ان يصبح كاتبا للسيناريو، وشارك في الكتابه واعداد للسيناريو في العديد من الاعمال، واشرف على ورشات لتطوير القصص والحكايات.
 وقد صرح ان تجاربه في السينما قد عززت كتاباته الروائية ، و شهد له  العديد من المخرجين ان روايات ماركيز، ماهي الا سينما ادبيه ومؤهلة بشكل تلقائي ،لان تصبح افلاما ،تتميز بخصائصها البصريه القويه ،وهذا يعود لتأثير السينما عليه ونلاحظ ان جميع الشخصيات في كتاباته تتحرك وكأن كاميرا تتبعها .
لقد جمع ماركيز بين عمله ككاتب سيناريو وبين العمل الروائي الفردي فيقول :أنا اكتب والقراء يتخيلون وبذلك يكون عمله جزءا من عمل الاخرين.
ففي روايته الملحميه "الحب في زمن الكوليرا"، نرى جمال الحب صدفة ،حينما التقت نظرات الشاب فلورنتينو والفتاه فيرمينا، فكانت تلك النظره كفيله من ان تصنع قصة حب طويلة الامد لم تنتهي حتى طعونهما في السن.
 
للوهلة الاولى نظن انها قصة حب عادية جمعت بين شاب وفتاة في اوج شبابهما ،الى ان تستجد احداثا في الرواية تفرق بينهما، ولكن قصة حبهما استمرت وأثرت تأثيرًا كبيرًا على كل من قرأ الرواية او شاهد الفيلم 
لقد سحرت هذه القصه وسيطرت على الافراد بكل جمال الحب وعذاباته.
فقد ابدع "ماركيز" في سرد قصة الحب هذه بكل مافيها من عقد نفسيه وتغيرات اجتماعيه وفكريه ،وعالج كل المشاكل التي مر بها العاشقان طيلة احداث الروايه.
 ورغم كل الظروف القاهره التي عانى منها العاشقان من تواجد الموت حولهما بسبب اندلاع الحرو ب الاهليه، وانتشار الوباء القاتل، (الذي اخذت الروايه اسمه)، وقسوة الاحداث الاجتماعية كان للحب تأثيره الكبيرعليهما،
ذلك الحب الذي لم تقف الشيخوخه امامه ،ولم تكن عائقا لاستمراره ،رغم التقدم في السن ،وشحوبهما تمكنا من اجتياز تلك العقبه القاسيه والبقاء في  مملكة الحب.
تلك القصه التقليديه كانت مأساة منذ البدايه لم تشارف على الانهيار، فلاهي مرضا مستعصيا ليشفون منه، ولا هي كاوراق الخريف تسقط وتنتهي،وقعا في الحب واشتعل في قلبيهما شغف اللقاء.
كما عانت فيرمينيا من اثر القيم الاجتماعية التي ترفض الحب، وتعتبره من الخطايا الغير مغتفره، فنرى تأثير المجتمع ونظرته على سلوك الافراد،ومدى تحكم الذكور اصحاب السلطه المطلقة على المراه، واتخاذ القرارات عنها بشكل  تكاد  ان تفقدها الامل في الحصول على حريتها .
ويتميز الفيلم بالتاكيد على مضمون الرواية الذي جمع العديد من المقومات الفنيه صاحبه اداء الممثلين :بطلا الفيلم ،فلورنتينو الذي قام بدوره خافيير بادرم،وجوفانا التي قامت بدور فيرمينيا،وبنجامين برات في دور الدكتور.
لقد كانت "الحب في زمن الكوليرا" اول رواية ل"ماركيز" تتحول الى عمل سينمائي الذي اخرجها المخرج المتميز مايك نويل.
كما شاركت شاكيرا في اداء ثلاث اغنيات للفيلم ساهمت في ثراء الفيلم وصنفت من افضل الاغاني الاصليه للفيلم
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون