مرو ر "126" عاما على أول عرض سينمائي.. وحتى الآن مصر بلا سينماتيك.
2022 ,30 نيسان
التاريخ السينمائي المصري في ثلاجة البيروقراطية.
رامي المتولي: مشاريع إنشاء الأرشيف تتوقف رغم جهود كل السينمائيين.
أسامة عبدالفتاح: مشروع أرشيف مدينة السينما مات وقاعات العرض بيوت أشباح.
صفاء الليثي: يجب مناشدة الرئيس لوضع خطة للحفاظ على تاريخ مصر السينمائي.
مصطفى الكيلاني:صوت العرب – القاهرة.
منذ شهرين مرت ذكرى 126 عام على أول عرض سينمائي في مصر، وهو العرض الثاني في العالم بعد فرنسا، ومع مرور تلك السنوات على السينما المصرية، فلا يوجد بها أرشيف للأفلام الخاصة بها، دولة في تاريخها أكثر من 6 آلاف فيلم روائي طويل، وآلاف من الأفلام القصيرة والتسجيلية، معظمها إما مملوك لدول أخرى، أو اختفى تماما وتم نسيانه.
تلك المعلومات قد تصدمك عزيزي القارئ، ولكن هناك صدمات أكثر حين تعرف أن مشروع الأرشيف ومكانه موجودان، ولكن حتى الآن لا يوجد من يجرؤ على فتح الموضوع، لأنه سيفتح أبوابا تصر البيروقراطية على غلقها.
حين يتم فتح الحديث حول الأرشيف السينمائي “السينماتيك” ومتحف السينما تخرج علينا أساطين وزارة الثقافة ليعرضوا المشاريع، وهي مشاريع لها عشرات السنوات على الورق فقط، هناك دول تبرعت بالمساعدة مثل إيطاليا وفرنسا وآخرها الصين، ولكن جميعهم سحبوا مشروعات التمويل بسبب البيروقراطية المصرية، ولمن سيتم نسب الإنجاز.
الناقد السينمائي "رامي المتولي"، قال إن مصر من أوائل الدول التي شهدت عروض سينمائية في محافظاتها مع بداية انتشار السينما في العالم، وذلك بالتوازي مع فرنسا والولايات المتحدة، قبل أن يؤدي الإقبال على العروض السينمائية إلى إنتاج أفلام مصرية.
وأضاف "المتولي" أن هذا التاريخ السينمائي المصري يتخطى 120 عام، هذا التاريخ العريق بشقيه الورقي أو المرئي غير محفوظ بشكل مركزي، باستثناء جهود بعض الجهات الخاصة أو الحكومية في الحفاظ على أرشيف ورقي كونته بمرور سنوات تأسيسها مثل المركز الكاثوليكي أو لطبيعة عملها مثل مجلة الكواكب أو مؤسسة الأهرام، لكن أن يتم جمع هذا التراث بشكل مركزي في مكان واحد يضم مقتنيات السينما المصرية لم يحدث بأي شكل ليصبح هذا التاريخ في يد هواة جمع الأنتيكات والمهتمين بالسينما والمؤسسات المذكورة في الوقت الذي كان يجب أن تكون في يد الدولة أو مؤسسة مستقلة تابعة لها  للحفاظ على التراث المتناثر والذي فقد الكثير منه بسبب الإهمال الناتج عن عدم وجود مؤسسة أو جهة تهتم بالحفاظ على هذا التراث.
وتابع الناقد "رامي المتولي" أن ذلك التجاهل يحدث على الرغم من محاولات عدد من الشخصيات السينمائية أن تتبني مشروع للسينماتيك المصري منهم الناقد السينمائي الراحل سمير فريد ومستشار وزارة الثقافة لشئون السينما الدكتور خالد عبدالجليل، لكن المشاريع توقفت نهائيا على الرغم من سعي العديد من السينمائيين لإنشاء السينماتيك.
الناقد السينمائي "أسامة عبدالفتاح" المدير الفني لمهرجان الإسماعيلية، ومدير مسابقة أسبوع النقاد بمهرجان القاهرة السينمائي أكد أن مشروع السينماتيك هو الحلم الذي حلم بيه الجميع من سينمائيين ونقاد ومهتمين بالفن السابع وكان هناك مشروع واضح لاستغلال الأرض الفضاء بمدينة السينما لإنشاء متحف المقتنيات لكبار السينمائيين وتحف سينمائية ظهرت في أفلام ومشهورة لدى المصريين، وأيضا أرشيف سينمائي للأفلام المصرية “سينماتيك” مجهز بقاعات صغيرة فيديو للمشاهدة، بالإضافة لثلاجات للنيجاتيف، مع محلات ضمن المتحف لبيع نماذج للتحف الموجودة به.
وأوضح عبدالفتاح أنه أجرى جوارا مع مستشار وزير الثقافة ومسؤول شركة الإنتاج السينمائي التابعة للوزارة، وسمع منه كلام وردي جدا، ولكن لم يحدث أي تعديل، فلم يتم البدء في تطوير الأصول وما تملكه الدولة من دور عرض وغيرها ولم يتم العمل في مدينة السينما، ولا تم تحويل المركز القومي للسينما إلى قطاع حتى لا يكون تابعا لشؤون الإنتاج الثقافي، وحتى المبلغ الذي رصدته الدولة لدعم السينما لم يحدث.
وتابع الناقد" أسامة عبدالفتاح" هناك أشخاص ليس من مصلحتهم عدم تحرك الوزارة لحماية صناعة السينما وأرشيفها، ولا نعرف السبب الحقيقي، ولكن الوضع القائم أن نشاط شركة السينما التابعة للقابضة للصناعات الثقافية مجمد، وهي ضمن عدة جهات داخل الوزارة يتم صرف مبالغ عليها ولا تأتي بعائد، في المقابل قاعات السينما المملوكة للوزارة أصبحت مباني أشباح.
وأشار "عبدالفتاح "إلى أن الدول الأخرى التي تملك أقل من 1% من أرشيفنا السينمائي يستغلون المنتج الثقافي بشكل جيد ونحن على العكس، هناك دول تقدم فيلم أو فيلمين في العام وتدعمهم وتقدم لهم دعاية وتسويق وعرض في المهرجانات، ونحن في المقابل أوقفنا الجناح المصري في مهرجان كان، والنجاحات التي تحققها الأفلام المصرية في المهرجانات تتم بشكل فردي، ولا نسمع عن المخرج حتى ينجح في كان أو برلين.
الناقدة ومدير إدارة الإنتاج الأسبق بالمركز القومي للسينما، "صفاء الليثي"، قالت إن أزمة الأرشيف متوارثة، وتذكرت حلقة تليفزيونية شاهدتها مؤخرا للمصور محمد بكر يتحدث فيها عما يملكه من أرشيف ضخم جدا من صور وفيديوهات والنيجاتيف القديم بحجم ورقة A4 ويناشد الدولة أن تحصل على ذلك الأرشيف وترممه وتضعه في متحف للسينما، وهو الأرشيف الذي رفض أن يبيعه لعدة دول عربية.
وأوضحت "الليثي" أنها حينما كانت تعمل بالمركز القومي للسينما قدمت فكرة تكوين الأرشيف وحفظ الأفلام فهناك أفلام نسخها متهالكة وأخرى موجودة بحالة رديئة، وكذلك قدم الدكتور مجدي عبدالرحمن مشروعا لترميم الأفلام وعمل “تيلسين” لها.
وأكدت "صفاء الليثي" أنه لا يوجد في مصر أي اهتمام بالأرشيف، فرغم أن لدينا دار الوثائق القومية التي تحوي تاريخ مصر، ويتم الاهتمام بها من أعلى السلطات بالدولة، وفي المقابل لا يوجد أرشيف سينما على نفس مستوى دار الوثائق.
وأوضحت الناقدة "صفاء الليثي" أن الحل الوحيد هو مناشدة أعلى قيادة في البلد، الرئيس السيسي من خلال نقابة المهن السينمائية، والمركز القومي للسينما وغرفة صناعة السينما، لعمل مشروع قومي ضخم للمتحف والأرشيف السينمائي، فكما تهتم الدولة بالآثار الفرعونية وتقيم موكب المومياوات وطريق الكباش، وكذلك بالآثار الإسلامية وتطوير القاهرة الفاطمية، فيجب كذلك أن تضع عينها على السينما كجزء مهم وأصيل من تاريخ مصر الحديث.
وقالت "الليثي" إنها زارت لليونان في عام 2003 ووجدت مبنى الأرشيف السينمائي “السينماتيك” في مخازن قديمة للبضائع تم تطويرها وتحديثها، فالمبنى ليس مهما، ونحن مازلنا نعيش لسنوات في اختيار مبنى كبير وعظيم، وتلك طريقة تفكير خاطئة فالهم هو المحتوى.
وتابعت أنها على مدى حلقتين في مجلة الفن السابع حاورت المؤرخ السينمائي عبدالحميد سعيد صاحب مشروع أول سينماتيك مصري في 27 شارع عبدالخالق ثروت، موضحة أن الرجل كاد يبكي بسبب أن كل مانمتلكه موجود خارج مصر، ففي سنوات سابقة كان كل منتج يجبر على تسليم نسخة فيلمه لتودع بوزارة الثقافة، في أرشيف السينما، الآن لا يحدث ذلك نهائيا، ولا يترك المنتج سوى DVD ردئ لفيلمه.
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون