غدا الثلاثاء:لجنة السينما/مؤسسة شومان تعرض الفيلم الهندي "قصة المليار لون" للمخرج "بادما كومار".
2025 ,16 حزيران
رسمي محاسنة:صوت العرب - الاردن.
ضمن عروضها الأسبوعية المنتظمة،  تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان يوم غد الثلاثاء 17/6/2025 الفيلم الهندي "قصة المليار لون"للمخرج بادما كومار.، وذلك بمقر المؤسسة بجبل عمان في تمام الساعة السادسة والنصف مساء. 
يطرح فيلم "قصة المليار لون"، للمخرج الهندي "بادماكومار"، حكاية عائلة عائدة من استراليا الى الهند، حيث الاب المسلم "عمران" والام الهندوسية "بارفاتي "، وابنهما "هاري". تعارف الاب والام اثناء دراستهما للسينما في استراليا، وعادا للوطن، وهما يحملان مشروعا عن الهند التي في البال، بشاعريتها وتنوعها، لكنهما يصطدمان بواقع قائم على التعصب والتمييز على أساس الدين والتقسيم الجغرافي في داخل البلد الواحد. هكذا عندما تصطدم الذاكرة المحملة بصورة الوطن المشتهى بواقع هو اقرب الى كابوس من الاقصاء ، والتمييز، والتعصب، والعنف، عندها تكون الازمة الحقيقية للانسان الباحث عن حياة طبيعية محكومة بقيم الحب والخير والجمال.
يفتح الفيلم على صوت الراوي "الابن هاري"، الذي يحمل ثقافة ورؤية والديه المتجانسة، وهو يحكي عن جمال ألوان السماء والبحر والشجر في الهند، ورغم ان كل واحد من الوالدين ينتمي الى ديانة مختلفة، الا هذا الانتماء لا يؤثر اطلاقا على نظرتهما للاخرين، وعندما تسال معلمة الصف، عن دلالات الوان العلم الهندي، فان إجابة"هاري" تعكس رؤية لها علاقة بالتنوع والجمال والتسامح، دون ان يشير الى الدلالات التي اصبحت سائدة عن اللون الزعفراني والاخضر للعلم"الهندوسية والاسلامية"، مما يثير استغراب وانزعاج المعلمة، وحتى زملائه في الصف.
هذه هي الأرضية التي يبني عليها المخرج فيلمه، فهو عاد من استراليا وهو يحمل احلاما يريد تحقيقها من خلال فيلم يجتمع حوله الجميع بمختلف تلاوينهم، لكن حاجته للمال، وبيعه للبيت، حتى يوفر جزءا من ميزانية انتاج الفيلم، تجعله يواجه ما كان مستترا وغائبا عنه، فعندما يبحث عن بيت يستأجره، يكتشف انماطا من العلاقات لم يكن يالفها او يعرفها، فهو لا يجد القبول في الاحياء الهندوسية، رغم ان زوجته تنتمي لنفس الديانه، ونفس الامر يواجهه في الاحياء الاسلامية حيث التشدد والتعصب والتدخل في لباس زوجته ونمط حياته.
ان طبيعة العلاقات المتوترة في المجتمع، تزيد من تعقيد حياة الاسرة، سواء على مستوى العيش وسط هذه الاجواء المنفلتة، او على مستوى انتاج الفيلم الذي لم يجد الدعم من الممولين، لكنهما رغم ذلك يقبضان على جمر الحلم، في اصرار على استكمال فيلم عن الهند التي في البال، الهند التي يحبها الجميع. وحين يجدون الممول الذي يحمل افكارا تنسجم مع رسالة الفيلم، فإن المتعصبين يغتالونه في مكتبه.
يقوم الصبي"هاري" بتصوير فيديو بمساعدة صديقته "صوفيا" يطلب فيه الدعم للفيلم ولو بأي مبلغ، ويبثه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، رسالة يطلب فيها المساعدة بانجاز فيلم عن الهند التي نحبها، ومساعدته في تحقيق حلم والديه، لكن الامور لا تسير كما يريد، بل يتنامى العنف، ليموت "هاري" برصاصة احد المتعصبين، كان والده هو المقصود بها.
فيلم "قصة المليار لون"، يحمل رسالة من المخرج الى بلد فقد توازنه في تجاذبات االاحتكاكات الطائفية، واللجؤ الى العنف، والتعصب، ورفض .
 كان اختيارا موفقا من الناحية الفنية، للمخرج أن يلجأ إلى التصوير بالابيض والاسود، حتى لا يكون هناك رموز لونية لها مرجعيات طائفية تدعو للإنقسام، وكذلك توظيف صوت الراوي "الصبي هاري"، الذي ما يزال على الفطرة، لا يرى الالوان التي استجدت على المجتمع الهندي بسبب الاستعمار، والسياسيين، فالالوان بالنسبة له هي معايير للجمال، هي تعبير عن الحب في صورته الانسانية البسيطة، بعيدا عن اي توظيف او تصنيف يخص المسلمين والهندوس والطوائف الاخر. 
قدم شخصية الاب"عمران"، الذي تواجه هذه الانعطافات الحادة في بلده التي يحب، بنوع من الدهشة وعدم استيعاب هذه التغيرات التي تنخر في مجتمع فقد مرجعياته، وقفز فوق ما هو مشترك بين مكوناته، الى خانات ضيقة من التعصب والعنف والطائفية.
المشهد الاخير قد جاء ليعمق مأساة متوالية العنف، وفساد السلطة، وتلك الذكريات الملونة، الممزوجة بالحزن الشفيف، من خلال فيديو نداء الإبن "هاري" لدعم تمويل الفيلم من أجل "الهند" قبل ان تفقد شاعريتها،هذا النداء الذي جمع "130"مليون روبية، في دلالة على ان غالبية الناس، مع الحب، بعيدا عن الضغائن والتشاحن. وهذه رسالة للهند والعالم في ظل حالة التشظي التي يشهدها عالمنا المعاصر.
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون