قريبا :عودة الممثلة هدى بوعزيزي الى الركح.
2023 ,05 نيسان
الممثلة هدى بوعزيزي
د. فوزية ضيف الله:صوت العرب- تونس.
 يبتعد  الفنان المسرحي عن الركح، ربما  ليكرس  نفسه للبحث أو للتدريس  أو للاهتمام  بماهو أولى، رغبة منه في تطويع وقته  للعائلة  والأولاد،  خاصة  إذا كان الأمر  متعلقا  بالمرأة. فكلنا  نعرف  أن  المرأة  المبدعة،  تجد نفسها  بين  حلين  أحلامها  مر، اما أن تكرس  نفسها  للابداع  أو لتربية  الأولاد،  خاصة خلال فترات  عمرية  معينة. ونظرا  لأن  مجتمعنا  ومسرحنا  ذكوري  بامتياز،  ونظرا لأن  التفرغ  للمسرح  يحتاجا  مساحة  زمنية  وذهنية  كبيرة،  عادة ما تقرر  المبدعات  اخذ  هدنة  مع العمل  المسرحي، لأن  المعادلة  صعبة  بين  زمان  المسرح  وزمان  العائلة.  لكن بمرور الوقت  ينشأ  لديها  شعور  بالحنين  الى الركح، فتمضي  السنوات  بسرعة، وينتصف  العمر، تتشكل  الجينات  المسرحية  من جديد، وتظهر  فرق  مسرحية أخرى،  وتنسى  تلك  المبدعة، كأنها  لم تكن  يوما  تصول  وتجول  على الركح،  معاندة كل شيء. 
ثمة مسرحيات  كثيرات  مررن  بمثل  هذه الوضعية،  وكان طريق  العودة  إلى الركح  أصعب  عليهن  من مرحلة  البداية، وذاك راجع الى عدة أسباب،  أولها  أن الأدوار المسرحية  توزع  داخل  أطر  معينة،  ووفق  صداقات  وتكتلات  لمجموعات،  ولا يمكن  البحث  عن اللواتي  ينبغي  عليهن  اعتلاء  الركح، تكريما  لهن  وايمانا  بتجربتهن..بل ينظر  اليهن  من جهة  أنهن  غادرن  المسرح، وهذا حكم مسبق،  وهم يعرفون  ان الممثل  الحقيقي  يتألم  أمام  كل عرض مسرحي  يشاهده،  لأن  الركح  يدعوه ، يتحسس  طرق  العودة  بحنين  كبير..فكيف  لا يمكن  التفطن  لذلك؟؟
للمسرحي  الحقيقي،  انفة  واعتزاز،  تمنعانه  من طلب أدوار،  وهذا دور المنتجين  والمخرجين  العارفين  بمسار الممثلين  المواكبين  للسياحة المسرحية  على الأقل،  أفلا  يتدبرون؟؟
هدى بوعزيزي،  ممثلة محترفة، اضطرت  في وقت ما للتوقف  عن للتمثيل، لتربية اولادها، وهذه شيمة  أمهات  يؤمنن  بالتربية  والمرافقة وضرورة  التفرغ  للعائلة  بناء على عدة  مقتضيات،  وكلنا  نعرف ان المسرح يقتضي  تفرغا  وقتا  كبيرين. 
تحصلت هدى بوعزيزي  على الأستاذية  في المسرح   من المعهد العالي  للفن المسرحي  بتونس سنة، 1992، وهي صاحبة مشروع تخرج "قصة حب معاصرة"، نص فلاح  شاكر، وتاطير  الأستاذة  آن ماري سلامي. مختصة في فن الممثل، وقد قضت  عدة تربصات  في فن الممثل بالخارج.
مثلت في مسرحية "الجثة  المطوقة" التي عرضت بمعهد العالم العربي  بباريس، وبمهرجان الربيع بالمغرب الأقصى  سنة 1993. وكانت ممثلة ومحركة  عرائس  في مسرحية للأطفال،  عرضت في مسرح الطفل بمدينة شارل  فيل ميزيار سنة 1997.
شاركت في مسرحية "الدحداح ري" إنتاج المسرح الوطني التونسي وإخراج القدير محمد إدريس.  وفي مسرحية "وفى  الطرح" عن نص "نهاية اللعبة" لصامويل  بيكت، اخراج عبد الحميد قياس. وشاركت أيضا  في مسرحية "بيت بيرنالدا  البا" مع مسرح الصورة. ثم في مسرحية "من كل مشموم نوارة" مع الفنان علي مصباح وإخراج رضا دريرة، إنتاج  مسرح البساط  بسوسة، وعرضت  في مهرجان المسرح التجريبي  بالقاهرة سنة 1989.
كان لها ظهور  ثانوي في فيلم "ثلاثون" للفاضل الجزيري سنة 2008، واشتغلت  معه  ضمن الفريق  التقني  لعرض  "زازا" في مهرجان قرطاج الدولي، وفي عرض  "الحضرة"، سنوات 2016-2017-2019.
كان لها دور، في فيلم  "لعبة الشطرنج " وهو مشروع تخرج  طالبة بمعهد السينما  والصورة سنة 2013، ودور في مسلسل " عاشق السراب" اخراج الحبيب  المسلماني،  سنة 2012.
واليوم  تستعد  هدى بوعزيزي  الى العودة  إلى الركح، وهي بصدد الاشتغال  ذاتيا على عمل فني طريف، في انتظار  أن تعتلي  الركح  في أعمال  أخرى  قريبا. 
لا بد من الربط  بين الأجيال  المسرحية، و لكل  جيل  خصوصياته، وعين المسرحي  الثاقبة  لا يمكنها  ان لا تلاحظ  غيرة  زميله  على الركح  والمسرح، فالابداع  عين لا تنضب  ولا  عمر لها، بل  ثمة عمر نتعلم  منه،  وكلما  تعمقنا  في التجربة،  نضجت  اختياراتنا.  لذلك  ستكون  عودة  الممثلة  المبدعة  هدى بوعزيزي  عودة  أكثر  نضجا وأكثر  وعيا بقيمة  اللحظة  الابداعية  في حياة  الفنان.
*أكاديمية وناقدة تونسية. 
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون