2022 ,11 تشرين الثاني
الفنانة "بيان شبيب"في مونودراما "فنتولين العودة"
صوت العرب: رام الله – فلسطين.
تعرض مونودراما"فنتولين العودة" في 20-11-2022، على خشبة المسرح البلدي في رام الله،وهي عرض مونودراما نسائي حول نشأة الإنسان كنشأة البدو الرحل. من تكون عندما تكون من كل مكان ولا مكان؟ وبخاصة عندما تكون لاجئاً سورياً فلسطينياً ولدت خلال الحرب الأهلية في لبنان في الثمانينيات. تروي هذه المسرحية قصة طفل نشأ مع تغيير قسري مستمر لمكان إقامته اعتماداً على الأحداث السياسية التي تؤثر على علاقات منظمة التحرير الفلسطينية بالدول. تدور القصة حول ابنة عضو في منظمة التحرير الفلسطينية أصبحت فيما بعد عائدة بعد اتفاقية أوسلو في العام 1993. وستعرض المسرحية تغييرات ثقافية وسياسية ونفسية واجتماعية عكست التغييرات في البلدان.
المونودراما كتابة وأداء"بيان شبيب"، دراماتورج وإخراج" إيمان عون"، وتقنيات" خليل البطران"، زانتاج مسرح عشتار،ومدة العرض 90 دقيقة.
"وكان الزميل " يوسف الشايب قد كتب مقالا في صحيفة الايام الفلسطينية ، تحت عنوان"" بيان شبيب.. بوح مسرحي وعودة ملتبسة"، جاء فيه"
ليست عملاً عابراً تلك المونودراما التي أبدعت فيها الفنانة بيان شبيب على أكثر من مستوى، سواء البوح بلا حدّ، أو يكاد، في نص هو من تأليفها، أو على صعيد الأداء الذي أكّدت عبره على كونها واحدة ممّن يقدمن المسرح بشغف كبير.
بيان شبيب، وعبر "فنتولين العودة" ، ملأت، ليس الخشبة التي هي عبارة عن حجرة مصعد تحتضن الحكايات بعد أن يتعطّل فحسب، بل الجدران الخانقة التي عجّت بالشخصيات الكرتونية وغير الكرتونية، وجسّدتها هي نفسها، قبل أن تقدّمها بتقنية الفيديو الأقرب إلى الرسوم المتحركة، لتتحوّل معها تلك المساحة الضيقة إلى ساحات رحبة، ولو لبعض الوقت، احتضنت الكثير ممّا اختزنته في ذاكرتها، وشكّلت جدليّاتها وما يسكنها من شخصيّات جُوّانيّة، مُكوّنة وإيّاها، سيرة أدائيّة بصريّة ، أدارتها باقتدار لجهة الإخراج والسينوغرافيا والدراماتورجيا الفنانة "إيمان عون".
وكان على تلك السيّدة التي تلامس الأربعين من عمرها، أن تخلق حالة من التوازن بين أكثر من تناقض في الوقت ذاته، فالجدليّات هنا ليست ثنائية بل تتعدد بتعدد المنافي التي تسكنها، حتى في عودتها أو لا عودتها إلى فلسطين، كما تتعدد بتعدد التجارب التي مرّت بها جغرافيّاً ونفسيّاً واجتماعياً وثقافياً، وحتى اقتصادياً زادت من شتاتها شتاتاً.
في هذا العمل المسرحيّ "القاسي"، كانت الجرأة سيّدة الموقف، فكتبت بيان شبيب بجسدها بعد قلمها أو نقرات بعض أصابع يديها على "الكيبورد"، سيرتها وشيئاً من سيرة عائلتها، دون مواربة، وهو ذلك النوع الذي يخشاه كاتبو السيَر الناقصة..
تحدثت عن العنف الاجتماعي، وعن القمع السياسي، وعن السرابيّة الفلسطينية في أكثر من مستوى، وطرحت مواضيع شائكة، من بينها جدليّة العلاقة ما بين "العائدين" و"المواطنين"، وجدلية "العودة" ما بين الجغرافيا والسيكولوجيا، ومحاولة التعويض عن تيه بات يسكنها، كما الكثيرات والكثيرين من أبناء الجيل الثاني من "العائدين" أو "أبناء أوسلو"، كما وصفتهم، بخريطة طريق تمكنها من صنع ذاكرة متماسكة لابنها الصغير، بعيداً عن منافٍ جديدة قد تبدو أكثر رحابة بلا احتلال، ودون قيود مجتمعية، هناك في القارة العجوز.
قدّمت شبيب نفسها في "فنتولين العودة" كفنانة شاملة أيضاً، تملك القدرة بتميّز في توظيف أكثر من فن أدائيّ داخل مسرحيتها السيريّة هذه، كالغناء والرقص وشيء من الأكروبات، فكانت لغة الجسد حاضرة رغم سطوة الحكواتيّة الخارجة من قصصها التي اختارت أن تلقيها أمام الجمهور، ليلتقط ما يريده منها، أو ما استطاع، أو يلتقط المزيد، إن كانت له فرصة مشاهدة أخرى.