وزيرة الثقافة ترعى احتفالية استذكارية للروائي "مؤنس الرزاز" في مؤسسة شومان.
2022 ,08 شباط
د.الرزاز: مؤنس كتب ليصدم القارئ بواقع واقعي وخرافي في آن واحد، لا ليقول إن هذا الواقع قدرٌ محتوم بل ليؤسس لإدراكه ونقده وتجاوزه نحو وعي تنويري إنساني ديمقراطي ونحو دولة العدل.
النجار: كتاباته تنتمي إلى الرواية الحديثة، تمتاز بالبحث والتجريب وابتداع أشكال جديدة تتسم بالتركيز على الجانب الداخلي النفسي والعلاقات غير التقليدية.
قسيسية:قراءة مؤنس للمشهدية العربية والعالمية وحركات الشعوب، جعلته قادراً على التنبؤ بالأحداث الكبرى، ومستشرفاً لحتمية سقوط الأنظمة الاستبدادية حول العالم.
د.رزان ابراهيم : مؤنس.. ذات مبدعة تميزت برهافة حسها وبسعيها في منجزها الروائي إلى الكشف عن اختلالات واقع عايشته عن قرب.
صالح: ولا يمكن فهم أعمال مؤنس الروائية دون تمثُّل هذه الخلفية العائلية التي تحضر بقوة في معظم أعماله.
غرايبة: مؤنس لم يسع لتقديم شهادة عن الواقع العربي المعاصر، بقدر ما سعى إلى التحذير من انهيار هذا الواقع.
صوت العرب: الاردن.
نظم منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي، احتفالية استذكارية للروائي والمبدع مؤنس الرزاز بعنوان، مؤنس الرزاز: "عشرون عاماً من الحضور رغم الغياب". 
وجرى في الاحتفالية التي تخللها كلمات لرئيس الوزراء السابق الدكتور عمر الرزاز، ووزيرة الثقافة هيفاء النجار راعية الاحتفالية، والرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبد الحميد شومان فالنتينا قسيسية، تقديم شهادات وقراءات نقدية للروائي والناقد هاشم غرايبة، وأستاذة النقد الأدبي الحديث في جامعة البترا الدكتورة رزان إبراهيم، والناقد والمترجم فخري صالح، وقدم الاحتفالية الدكتورة أماني سليمان، رئيسة قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة البترا.
وقال الدكتور الرزاز في كلمته، إن "مؤنس الانسان لم يكن يائسا وبائسا كما يتخيل الكثيرون. عندما يصل الانسان الى حالة اليأس يتوقف عن العمل والانتاج، بالتأكيد يتوقف عن الابداع، مؤنس كتب معظم رواياته في سنواته الأخيرة، مؤنس كتب ما كتب لا ليسلي القارئ، لم يكتب روايات تقليدية تتراكم أحداثها وتتطور شخصياتها وتصل الرواية الذروة ثم تنتهي نهاية سعيدة أو بدروس وعبر لمن اعتبر، مؤنس كتب ليصدم القارئ بواقع واقعي وخرافي في آن واحد، لا ليقول إن هذا الواقع قدرٌ محتوم بل ليؤسس لإدراكه ونقده وتجاوزه نحو وعي تنويري إنساني ديمقراطي ونحو دولة العدل حيث القوانين والمؤسسات والمواطن". 
وأضاف، " مؤنس الذي تعرض لفجيعة تلو الأخرى، لم يفقد الأمل.. وكان مرة بعد الأخرى.. يلجأ للرسم وكتابة القصة والرواية، والمقال والمذكرات.. متمسكاً بحلم الحرية، في الرسم.. وبعد كل مرحلة رسم فيها الدماء والمشانق، رسم الازهار والطبيعة.. وفي كل مرحلة عبر فيها عن تشاؤمه، عاد ليكتب عن الأمل والحياة.. وقد استعان بحب أمه لمعة غير المشروط، وبعائلته الصغيرة، وعائلته الكبيرة التي شملت أصدقاء مخلصين احاطوه بحب وشدّوا من أزره، وها هي أسرة مؤنس تمتدُ اليومَ وتتسعُ بقرّاء شباب جدد، يخوضون في نصوص مؤنس، ويحوّلها الى أشكال مختلفة من الأبداع في الأدب والفن التشكيلي والمسرح والموسيقى".
من جانبها قالت وزيرة الثقافة هيفاء النجار، "حينما نتحدث عن الروائي مؤنس الرزاز، فإننا نتحدث عن قامة أدبية وفكرية، وعن إنسان أثرى المشهد الثقافي الأردني، وحقق حضورا عربيا مهما بإنجازات أدبية منحازة للحياة وللإنسان والنضال، مثلما نتحدث عن مبدع عروبي، وروائي وكاتب صحفي ومترجم ورسام استطاع أن يؤسس لشكل جديد في كتابة المقالة اليومية من خلال حس السخرية، والمفارقة التي تناول فيها الوقائع والأحداث من خلال الشخصيات الكاريكاتورية التي ينتقيها من الذاكرة المجروحة.
وأضافت أن الموضوعات التي تناولها الراحل مؤنس الرزاز في كتاباته تتسم بصبغة إنسانية وعالمية لا تقل عن الروائيين العالميين في تناولها لقضايا الإنسان المعاصر الوجودية بما فيها من قلق وذعر واغتراب. وكانت كتاباته تنتمي إلى الرواية الحديثة، تمتاز بالبحث والتجريب وابتداع أشكال جديدة تتسم بالتركيز على الجانب الداخلي النفسي والعلاقات غير التقليدية من خلال تقديم نصوص متراكمة متناثرة تتصف بالغموض والإشكالية والتعقيد.
واضافت النجار"إن عمان فقدت شيئاً من روحها ودفئها حينما فقدنا مؤنس، ولكن عزاءنا الوحيد أنه حاضر فينا دوماً من خلال إبداعاته، وأن بوصلة مؤنس في كتاباته كانت تتجه دوماً نحو تشريح الواقع العربي، واستبطان أزمات الإنسان العربي والكشف عن طموحاته وآماله، والدفاع عن حقه في أن يكون كما ينبغي له أن يكون". 
كما استذكرت الوزيرة النجار في حديثها بدايات مؤنس في مدرسته المطران، التي شكلت بوادر الوعي لديه، وخاض فيها مغامرة العقل الأولى، متزودا بعدة السفر على طريق التميز في الأدب والفلسفة والفكر والسياسة، أثرتها نقاشات معمقة وجدل واسع مع زملائه ومعلميه. 
وأضافت، " إن تجربة مؤنس الثرية، انعكست في كتابته التي استقطبت كثيرًا من الدارسين والنقّاد، كما استقطبت انتباه القرّاء من مختلف الفئات العمرية، ومنها كتابة الاعترافات، التي غاص فيها عميقاً في نفسه وعبّر عنها في حالاتها المختلفة، وكشف عن أسرار كثيرة لا يجرؤ الآخرين على البوح بها أمام أنفسهم، وتلك شجاعة نادرة ومغامرة فلسفية نفسية تحتاج إلى مبدع حقيقي". 
الرئيسة التنفيذية للمؤسسة فالنتينا قسيسية، قالت إننا نستذكر اليوم مؤنس الرزاز، مؤنس الروائي والقاص والتشكيلي مؤنس المثقف المرهف الذي أسرته ثيمة الحرية، فكتب لها وعدها، وظل مخلصاً لها طوال حياته.
وقالت إن العوالم الروائية التي بناها مؤنس، كانت على الدوام تبحث عن الهواء، وكان يحضر في البنيان المجتمعي العربي. ويحاول تفكيك هرميته، هذا الانغماس الكبير في قراءته للمشهدية العربية والعالمية وحركات الشعوب، جعله قادراً على التنبؤ بالأحداث الكبرى، ومستشرفاً لحتمية سقوط الأنظمة الاستبدادية حول العالم.
وقالت الدكتورة رزان أبراهيم نجتمع في هذه الأمسية لاستحضار ذات مبدعة تميزت برهافة حسها وبسعيها في منجزها الروائي إلى الكشف عن اختلالات واقع عايشته عن قرب، وتطلعت إلى وضعه في بؤرة وعي المتلقي.
واستعرضت أهم ملامح الكتابة الأدبية التي اتسم بها منجز مؤنس الرزاز، وهي في كثير من الأحيان لم تنفصل عن تجربة حياتية كان لها أثرها الكبير عليه، فقد كان والد مؤنس الرزاز رمزا من رموز حزب البعث العربي الاشتراكي، وإن كانت حقوق الإنسان بالنسبة إليه فوق الولاء للحزب كما يقول مؤنس عن والده وقد كانت والدته لمعة بسيسو إحدى رائدات العمل الاجتماعي والسياسي في الأردن. 
وقال الناقد فخري صالح: "أثَّرت نشأة مؤنس في بيت مهموم بوضع العرب الجيو سياسي، والعقائدي، الفكري، في القرن العشرين، في طريقة بنائه لعوالمه الروائية؛ على الأقل في الروايات الثلاث الأولى التي أنجزها في ثمانينيات القرن الماضي، وشكَّلت واسطة العقد في منجزه السردي: "أحياء في البحر الميت" (1982)، و"اعترافات كاتم صوت" (1986)، و"متاهة الأعراب في ناطحات السراب" (1986). ولا يمكن فهم أعماله الروائية دون تمثُّل هذه الخلفية العائلية التي تحضر بقوة في معظم أعماله وتشكِّل الجانب السير ذاتي فيها، حيث يتشابك العنصر السير ذاتي، مع السياسي، والفكري، والتخييلي".
الروائي والناقد غرايبة بين إن مؤنس الرزاز أبن التجربة المرة كان روائيا مجددا، وسياسيا خالف المألوف، استقال من رئاسة الحزب العربي الديمقراطي ومن رئاسة رابطة الكتاب الأردنيين لأنه أراد أن يُلبس السياسة عباءته الخاصة، عباءة الروائي الذي يرى مالا نرى.
وقال إن "مؤنس لم يسع لتقديم شهادة عن الواقع العربي المعاصر، بقدر ما سعى إلى التحذير من انهيار هذا الواقع، فالرواية عنده ليست وسيلة لغوية تعبر عن الذات وتقلباتها فحسب، بل جعل من الذات أذناً صاغية وعيناً يقظة، تنتقد النماذج الاجتماعية بتخلفها ونبلها وتقلباتها ويقدمها في إطار من السخرية والتراجيديا مضمرة السؤال الشكسبيري الصعب في أن نكون أو لا نكون، تلك هي المشكلة". 
وتم على هامش الاحتفالية عرض مجموعة لوحات رسمها مؤنس الرزاز، إضافة الى عرض فيلم "سيرة مبدع مؤنس الرزاز"، كذلك فيديو تضمن شهادات لمجموعة من الأدباء الشباب بعنوان: "هكذا قرأت مؤنس الرزاز". كما اقامت مكتبة درب المعرفة للأطفال جلسة قراءات للأطفال من قصص الراحل مؤنس الرزاز المخصصة للأطفال. 
يشار الى أن مؤنس الرزاز واحدا من الروائيين الأردنيين والعرب الذين نقلوا الرواية من التقليدية إلى الحداثة، بما في هذه الحداثة من تشظيات وانقسامات وتحديات وخسارات. لقد اشتغل مؤنس على تطوير الرواية العربية، إلى جانب روائيين أردنيين آخرين، حتى تطورت كثيرا في حقبة الثمانينيات، وأصبحت الرواية في الأردن نظيرة لما هو موجود في البلدان العربية الأخرى.
هو أبن المناضل القومي المعروف منيف الرزاز، والذي عاش حياة ثرية في العراق وسورية، وصل خلالها إلى الطبقة الأولى من الحكم. أما مؤنس فقد ولد في مدينة السلط في العام 1951، ودرسَ الفلسفة في جامعة بيروت العربية وفي جامعة بغداد، ثم أكمل دراساته العليا في واشنطن في جامعة جورج تاون.
في العام 1978، انتقل إلى الإقامة في بيروت، فعاش الحرب الأهلية اللبنانية بكل ويلاتها وآلامها، عمل خلال تلك الفترة في عدد من المجلات، كما نشر في صحيفة النهار وصحيفة السفير عددًا من القصص. وفي 1982، غادر بيروت لينتقل إلى عمَّان، وعمل في المكتبة العامة لأمانة عمان، ثمَّ كاتبا لعمود يومي في جريدة الدستور وبعدها في جريدة الرأي، كما عمل مستشارا في وزارة الثقافة.
 
 
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون