☆☆☆ منتصف الليل ☆☆☆
2022 ,11 نيسان
الشاعرة سونيا عبد اللطيف
 
* سونيا عبد اللطيف:صوت العرب – تونس.
 
 
عند منتصف اللّيل
تذكّرت وجهي...
وجهي تركته على سطح الماء
حافيا 
باكيا
تتسلّل فوق صدغيه قطراتٌ العرق 
عبثا حاول المنديل إزاحة التّجاعيد 
وحتى كريم التّرطيب المستوردة
لم تُفلحْ في إخفاء البقع السوداء
***
عند منتصف اللّيل 
تذكّرت وجهي...
نسيته في دولاب ملابسي 
كنتُ أطيل النّظر إليه في مرآته الثابتة
بأناملي المجروحة أُمرّر على شفتيّ 
أنتفض على رنين منبّه السّاعة 
أغلق عليه الباب 
باب الدّولاب 
أتركه هنالك في الظلام 
وأنصرف أزاحم الزّحام
***
عند منتصف الليل
تذكّرتُ والدتي حين تواسيني 
حينما تْشاهد الأقدار تُعاديني 
تقول: أنجبتكِ فجر يوم جمعة
من أوّل شهر
 آذار..
كانت الأمطار شديدة 
الأرض سواقي.. سواقي 
وأنتِ رفضتِ الانتظار
فقطعتُ حبل سرّتكِ بمباركة 
الرّحمان... 
***
عند منتصف الليل
تذكّرت ابني الرّضيع ...
تركته مع المُعينة لتٌطعمه...
لتُغيّر له قُماطه 
انغمست في عدّ الرّفوف في مكتبة 
المدرسة 
وعدد الكتب في كل رفّ...
لكنّ التّلاميذ لم يحفظوا جدول الضّرب...
فلم يهتدوا لحلّ المسألة ...
توعّدتهم بكتابة المخالفة
عند عودتي وجدت ابني على الرَصيف 
ينتظرني باكيا 
خطفوا  منه المستقبل والرّغيف
***
عند منتصف الليل 
تذكّرت والدي ...
لم أزر قبره منذ سنوات...
أخشى حشرجة الأموات 
استحضرته في الذّاكرة...
كانت نظراته كالضّوء خارقة ...
وبسمته ساطعة النْجمات
***
عند منتصف الليل
تذكرتُ انّي ما نمتُ ليلة البارحة 
 دويّ القطار يطرق رأسي 
كأنّه القارعة 
تركتُ وجهي في المرآة 
أطفأتُ الأنوار
واستسلمتُ لسفينة الظّلام
تائهة بلا ربّان 
إذ بوجهي يشرق في شاشة الجوال 
يسألني 
أين اختفيتُ طول النّهار 
وأين وجهي في المجاز 
 
*"قليبية "فجر 10\03\2022
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون