2025 ,04 كانون الثاني

د. سوسان جرجس:صوت العرب- لبنان.
واجه جسدك المشوه.
= = = = = =
رحلَ الوقتُ
أخذ معه عقاربَ الساعةِ
في حقيبة....
كان فرحاً
يترنح كنازحٍ في أرضِهِ
يلوّح بالمنديلِ مودعاً
عندَ منعطف الطريق...
وأنا
وأنا أجلس على كرسيٍّ خشبيٍّ
حزينةً كئيبة
أحاول أن أعدّ الأرقام
على أصابع يديّ المبتورة
ولكن عبثاً
عبثاً أحاولُ
فذاكرتي قد ولّت هاربةً مني....
ألملم بعينيّ بعضَ الحصاة
أرى سنونوةً في السماء
أركض
أركض وأسابقُ جدولَ الماء
في غابة رهيبة
أنسى حاضري...
ومستقبلي....
لا أتذكّر سوى وقتاً مهاجراً
وطفلة غريبة
تعدو وراء ضباب
وراءها فرقة من الجنود يلهثون
سيوفهم عجيبة
ثيابهم عجيبة
تفوحُ من أجسادهم رائحة العفن
رائحةُ الموتِ الذي أخاف الزمن
فرَحلَ الزمن...
رحل الوقت مودعاً
من أنايَ الحزينة....
ترك خلفه بستاناً بلا أشجار
وعصافيراً مكتومة الصوت
وبشراً عراةً إلا من الثياب
وأمّة تدفن في عالم الغياب
أركضُ
أركضُ في الغابة
أصادفُ عجوزاً مَهيبة
بيمينها تعطيني كتاب
بيسارها تعرّي جسدي المشوه
يندحرُ الجنود
يندحرُ التتار والمغول
يطلّ الوقت برأسه
كطفلٍ صغير
على محياه ابتسامةٌ صفراء
يختبئ خلف شجرة البلوط العتيقة.....
تُتلى في الغابةِ صلاةٌ عميقة
أخافُ من عريّ
من جسدي المشوّه....
وتستمر الصلاة
وتتقلّب في يديّ صفحات الكتاب
ترحل أفكاري الى حدود الشمس
يتفتق جسدي
أشعر بآلام الولادة العسيرة...
من أحضان الليل...
وشفق الفجر الآتي
يولد الصباح
بجسدٍ سليم
وطفلةٍ صغيرةٍ لبيبة
وأمّةٍ قوية
تعلّم أجيالها
كيف يحيا الزمن...
تعلّم أجيالها...
أنّ مواجهة التشوّه
في فضحه ...
لا حجبه ....
أو ستره...
أو وضعِ أقنعةٍ مزيفةٍ فوقَ جرحه