"د.فوزية ضيف الله" تقدم امسية ثقافية بعنوان" تجليات الالتزام من خلال موضوع الفن الفلسطيني".
2024 ,24 شباط
د.فوزية:الفن التشكيلي الفلسطيني يُعبّر عن ذاكرة استثنائية تقاوم كل أشكال النسيان والطمس والتلاشي.
مفهوم الالتزام في العالم العربي ارتبط بالأدب الفلسطيني، وظهر مع رواية “رجال في الشمس” لغسان كنفاني.
صوت العرب:تونس.
منذ اللحظة الأُولى لبدء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزّة، سارعت مؤسَّسات ثقافية تونسية إلى التعبير عن إدانتها للعدوان ووقوفها مع الشعب الفلسطيني.
وفي هذا الاطار نظّم المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر بالشراكة مع مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالعاصمة تونس، مساء أمس الجمعة 13 أكتوبر، أمسية ثقافية بعنوان “تجليات الالتزام من خلال موضوع الفن الفلسطيني”، من تقديم الباحثة التونسية "د.فوزية ضيف الله"، وبحضور عدد من رؤساء البعثة الفلسطينية المعتمدين بتونس وشخصيات ثقافية تونسية.
وافتتحت الأمسية الثقافية -التي أتت تضامنا مع الشعب الفلسطيني وتنديدا بعدوان الكيان المحتل على قطاع غزة وأهلها- بزيارة معرض في الفن التشكيلي يضمّ مجموعة من اللوحات لفنانين تونسيين وفلسطينيين من أجيال مختلفة، أرادها منظموها أن تكون عنوان تواصل واسترسالا للرسالة الفنية في التعبير عن الواقع الإنساني الكوني، والانتصار للقضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وتقرير مصيره، مع التنديد بجرائم الاحتلال وفضح ممارساته الوحشية تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل.
واستعرضت "د.فوزية ضيف الله" في مداخلتها مفهوم الالتزام في الفن، قائلة إنّ: “مفهوم الالتزام في العالم العربي ارتبط بالأدب الفلسطيني، وظهر مع رواية “رجال في الشمس” لغسان كنفاني.
 
كما استحضرت أيضا مفهوم الالتزام في علاقة بالشاعر محمود درويش وأدونيس وسارتر والتجارب الموسيقية للشيخ إمام وفؤاد نجم في مصر، وناس الغيوان في المغرب والهادي قلة في تونس وسميح شقير في سوريا.
ولاحظت أنّ مفهوم الالتزام في الفن متعدّد المعاني والدلالات، قائلة: “ينبغي حمايته من الاستعمالات الإيديولوجية”.
وقدّمت "د.فوزية ضيفالله" لمحة عن الفن التشكيلي الفلسطيني، مُؤكّدة أنّ الفن التشكيلي الفلسطيني استطاع على مدى أجيال من التعبير أن يكون ملتزما بقضايا الوطن والحرية، ومعبّرا عن الشتات والتهجير والعودة، مستعينا بأساليب وتقنيات متعدّدة، وهي ترى أنّ الفن التشكيلي الفلسطيني يُعبّر عن ذاكرة استثنائية تقاوم كل أشكال النسيان والطمس والتلاشي، “فراوح بين رسم الواقع والأحداث والهزائم والفواجع والهزات (الموجود) ورسم الحلم المنشود والصورة المتخيلة والشاحذة للهمم استنادا إلى تقنيات ومدارس تشكيلية متنوّعة.
وبذلك صوّر الفن التشكيلي الفلسطيني التاريخ والموروث والأرض والزيتون والقدس والأقصى، كما صوّر المجازر والاعتداءات والحروب والموت والثكالى والطفولة المغتصبة والجوع والغضب والموت.
كما استعرضت "د.فوزية ضيف الله" في مداخلتها، أيضا، تاريخ بداية التجربة التشكيلية الفلسطينية المعاصرة منذ سنة 1935 بريادة الفنان التشكيلي إسماعيل شموط، مُلاحظة أنّ شموط فرضت عليه طبيعة الحياة التي عاشها أن يلجأ إلى المدرسة الواقعية في الفن التشكيلي، وأن يرسم المعاناة التي عاشها اللاجئون والشعب الفلسطيني بعد النكبة.
وذكّرت الباحثة التونسية أنّ أروقة المعارض تميّزت باحتضانها نقاشات وجلسات حوارية تتناول أوضاع الحركة التشكيلية الفلسطينية في علاقتها بفكرة الالتزام، وعُرفت هذه الفترة إلى حدود سنة 1955 بفترة التعرّف على التجارب الفنية الغربية.
وأضافت: “مع اندلاع ثورة 1936 وحرب 1948 انبجس واقع تشكيلي مختلف، ظهرت معه مصطلحات “الشتات” و”العودة” و”الملجأ” لتفرض تعبيرا تشكيليا مختلفا، أصبح الفن الفلسطيني عندئذ مرآة عاكسة للواقع وطوّر الرموز والأشكال والدلالات والمفردات التشكيلية والإشارات البصرية لابتكار صور جمالية مشحونة بواقع الألم والموت والشتات.
كما بيّنت "د.فوزية ضيف الله" في مداخلتها أنّ المعارض الجماعية تواصلت بعد ذلك إلى حدود 1980 تاريخ تأسيس رابطة التشكيليين الفلسطينيين، مُبرزة أنّ الهاجس ظلّ دوما “قضية الفنان” وكيفية الالتزام بالرسالة المقدسة للوطن، ذاكرة نخبة من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين، الذين التحق بعضهم بأكاديميات الفنون في المهجر لتطوير تجاربهم والخروج بالفن التشكيلي الفلسطيني من الأطر الضيقة نحو العالمية، سيما بعد تاريخ الانتفاضة الأولى عام 1987.
كما استعرضت عديد التجارب في الفن التشكيلي وتنوّع التقنيات المستخدمة، إلى جانب أهم المشاركات الفلسطينية في المعارض الدولية.
وختمت "د.فوزية ضيف الله" حديثها بالتأكيد أنّ الاختيارات التشكيلية المعاصرة لطالما كانت شاهدا على الطاقة الحيوية للفنانات والفنانين في فلسطين الذين أعادوا ابتكار طرق النظر إلى أرضهم والتعبير عنها، وتمثيلها في الفن التشكيلي لوحات كانت أو تنصيبات أو نحتا، حيث تستنطق هذه الأجيال مكان الجسد في الفضاء العام ودوره في تحدي الهيمنة.
و"د.فوزية ضيف الله" باحثة تونسية، مهتمة بالبحث في الفلسفة التأويلية والفينومينولوجيا، والفلسفات المعاصرة، وكذلك مهتمة بالترجمة.
حاصلة على الدكتوراه في الفلسفة المعاصرة في بحث حول “كلمات نيتشه الأساسية ضمن القراءة الهيدغرية” سنة 2011، خريجة دار المعلمين العليا بتونس والمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس، ومبرزة في الفلسفة منذ 2003،  تشتغل أستاذة مساعد في الفلسفة بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس.
لها العديد من المساهمات في المؤتمرات الدولية في تونس وخارجها، والعديد من المقالات المنشورة في مجلات عربية محكمة، وأخرى قيد النشر منها: هل كان هيدغر قارئا منصفا لنيتشه؟، تأويلية إرادة الاقتدار عند نيتشه، الكوجيتو البرغسوني، من فينومينولوجيا الذاكرة إلى جينيالوجيا النسيان، المنعطف الهرمينوطيقي للفينومينولوجيا من   منظور ريكور، تباشير فلسفة المستقبل، في سمات إرادة الاقتدار عند نيتشه، في معنى العدل ريكور ناقدا رولز، ولها كذلك مقالات أخرى منشورة  باللسان الفرنسي.
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون