عزة الزفتاوى:صوت العرب- لندن .
يعد فن الشارع في لندن أمراً مثيراً للاهتمام حقاً فهو مزيج من المشاعر والقصص التي تنتظر من يكتشفها في رحلة من أجل الألوان و الأشكال التي تنبض بالحياة في الشارع ، بل و يبدو الأمر كما لو أن المدينة تتمتع بروح يتم التعبير عنها من خلال الجداريات و الكتابة على الجدران المنتشرة في كل مكان و تزين كل زاوية تقريباً ، يتم تنفيذها دون وجود رقيب يلتزم بقواعد صارمة و محفوظة .
جداريات : رحلة بصرية و اتصال
مهرجان لندن للجدرايات يعود مجدداً إلى شوارع العاصمة البريطانية ، بعد إطلاقه لأول مرة في عام 2020 . مؤسسة الرسم الجداري في المملكة المتحدة ومقرها لندن هي الجهة المنظمة للمهرجان ، اختارت عنوان " الاتصال " ليكون معنى و هدفاَ لمهرجان هذا العام ، لكي يتواصل عبره أفضل فناني الشوارع في العالم مع الآلاف من سكان لندن و زوارها ، لاكتشاف مدي تنوع مجتمعاتها و أماكنها من خلال 100 جدارية تعرض في 15 حياَ لندنياَ منها أوڤال و كامدن شورديتش . نائبة عمدة لندن للثقافة و الصناعات الإبداعية جوستين سيمونز أعربت عن سعادتها بعودة المهرجان ، مضيفة أنه مثال رائع لكيفية تحويل الجداريات لمدينة لندن إلى معرض فنى و احضار الفن المجاني للجميع ، مما يساعد في بناء مدينة أفضل لكل سكان لندن .
جولات فن الشارع
القيام بجولة لاكتشاف هذا الفن الذي يبدو وكأنه ينبض بالحياة ، يعد تجربة تشعرك بأنك جزء من المدينة ، كما لو كنت تتصفح كتاباً من القصص المصورة ، ومن منا لا يحب ولو القليل من الفن الذى يتكلم
مؤسسة الرسم الجداري في لندن و بالتعاون مع العديد من الشركات المحلية ، تنظم جولات متنوعة لمحبى وهواة فن الجداريات و الكتابة على الجدران ، كما تضمن لك وجود مرشدين لإخبارك بالقصص وراء الأعمال واللوحات الجدارية ، بالإضافة إلى توفير خريطة تفاعلية لجميع مواقع الجداريات ، كما يمكنك التعمق في تاريخ الفنانين ومدى تأثيرهم الاجتماعي والثقافي على مدينة لندن ، و قد يسعدك الحظ و تلتقي مع بعض الفنانين في مواقع لوحاتهم و رسوماتهم ، تتبادل الحديث معهم ، تسمع منهم الكثير عن رؤيتهم الفنية ، كم يمضون من الوقت لرسم جدارياتهم ، أبرز موضوعات أعمالهم و كيف يختارون الألوان المناسبة لتنفيذ هذه الجداريات .
فنانون مشاركون
يضم مهرجان لندن للجداريات هذا العام 2024 أفضل المواهب في العالم مثل ايكس و ال سيد و ديفيد ميكر وهانتو و اوك بلوج و روزى وودز و صوفي مييس .. فنانون يعتمدون علي رؤية إبداعية وزاوية مبتكرة ، إذ إن ما يميز فنان عن غيره من زملائه ، مدي اتساع خياله و تصوره وقدراته الإبداعية عند تناوله للقضايا المختلفة .
المهرجان يفتح الباب كذاك أمام مشاركات الفنانين الناشئين لعرض رسوماتهم التي تقدم تجارب جديدة منها ما يحكي قصص المهاجرين و المجتمع و الهوية و الثقافة الشعبية في لندن . يعيد المهرجان البهجة الى المساحات المهملة سابقاَ ، و تحويلها إلى مناطق نابضة بالحياة و ديناميكية تعزز الشعور بالانتماء بين السكان .
جدران لندن بحروف عربية
إل سييد فنان تونسي عربي الهوية و الثقافة - فرنسي المولد ، يشارك لأول مرة في مهرجان لندن للجداريات هذا العام ، يعتبر أسلوبه مزيجاً بين فن الخط العربي وفن الغرافيتي
جداريته في لندن جاءت في رسالة تعكس قيم السلام والتسامح ، بهدف بناء جسور تتلاقى فيها مختلف الشعوب والثقافات ، كما يستلهم حكمة العديد من الشعراء و الكتاب و الفلاسفة في أعماله ومشاريعه الفنية
مسابقات وورش عمل
يمنح مهرجان لندن للجداريات ، الفرصة أمام عدد من المدارس للمشاركة في مسابقة فنية لتحديث المدرسة بجدارية جديدة ممولة بالكامل يشارك الطلاب في تصميمها . يعقد المهرجان ورش عمل طلاء الرش ، حيث يمكن للمشاركين و الهواة ممارسة الرسم بالرش و الإفصاح عن تصورات و تجارب شخصية عبر الألوان النابضة بالحياة ، تظهر قدرات إبداعية .
الاستدامة و البيئة
يستخدم العديد من الفنانين المشاركين في المهرجان الدهانات الصديقة للبيئة و المواد المعاد تدويرها ، مما يساعد على تقليل التأثير البيئي لفنونهم و لدحض ما يتردد من مفاهيم خاطئة شائعة من ان فن الشارع مرادف لتشويه المنظر العام .. يحرص منظمو المهرجان على التنسيق والتعاون مع الهيئات المحلية و الشركات التجارية و رجال الاعمال و المطورين و أصحاب العقارات ، للتخطيط و تبادل الرؤى ، حول تجميل الأماكن العامة في الشوارع التي يقع الاختيار عليها لرسم الجداريات ، و لتحويل لندن الى لوحة قماشية ضخمة بطريقة محددة ذات مغزى
مهرجان للتوعية
لا يمثل مهرجان لندن للجداريات شكلاً من أشكال التعبير الفني فقط ، بل يمثل أيضاً رد فعل على القضايا الاجتماعية و الثقافية ، يستخدم الفنانون المشاركون جدارياتهم لرفع مستوى الوعى العام بقضايا عديدة مثل تغير المناخ
و الاحتباس الحرارى و الاستدامة ، بالإضافة إلى المشاركة في حوار مفتوح للإسهام في إيجاد ثقافة فنية مدروسة و أكثر مسئولية
فن الشارع و المجتمع
من اللافت للنظر انه منذ انطلاق مهرجان لندن للجداريات في عام 2020 لأول مرة في 75 موقعاً في لندن ، فإنه بعد أربع سنوات ، لا يزال 90 في المائة من الجداريات قوية بألوانها ، تبث روح الجمال ، تاركة إرثاً فنياً دائماً للعاصمة و مجتمعاتها