من عروض مهرجان مسرح الطفل العربي : المسرحية الفلسطينية "دكان الالعاب".
2022 ,04 تشرين الثاني
كفاية عوجان:صوت العرب – الاردن.
ضمن عروض مهرجان مسرح الطفل العربي ، عرت المسرحية الفلسطينية " دكان الالعاب"،نص واخراج "سليمان كركر".
يدور هذا العرض المسرحي على فكرة ترسيخ قيمة التراث الشعبي في وجدان الجيل الجديد، من خلال 
الطائرة الورقية كرمز لهوية الشعب الفلسطيني، وجزء من ذاكرته الثقافية والذاكرة الشعبية، وحلقة وصل بين الأجيال. 
يبدأ العرض  بجلوس الجد خلف  طاولة العمل( في دكانه)  يتحسَّر على  كساد بضاعته  عارضاً بعض الأسباب  لعدم التفات الأطفال لها في زمن  حلت فيه التكنولوجيا والألعاب الإلكترونية محل الألعاب الشعبية. وبين الحسرة واليأس يجلس مسترجعاً كلام والده الذي كان يوصيه بالتمسكّ بقيمه التراثية، ثم يعرض  للمشاهدين أدوات العمل التي يشرع في تعليقها على لوحة، ومن ثم دخوله في حوار مع حفيديه ( نجمه وسلطان) وانقسامهما في الرأي بين السخرية من احتفاظه بممارسة هذه المهنة الشعبية( صنع الطائرات الورقية)  كما ظهر في موقف الحفيد سلطان  بتمزيقه الطائرة الورقية، التي لا يرى فيها شيئاً يشبه أو حتى له علاقة باهتماماته المحصورة بجهاز الهاتف الذكي الذي يصل من خلاله لعوالم أخرى،  وحماس ( الحفيدة نجمة) وتعاطفها مع الجد ومعارضتها بيع الدكان  فحاولت بإطالة مبالغ فيها تقديم التوجيهات المباشرة  لاستمالة أخيها إلى موقفها في مؤازرة الجد في اعتزازه بتراثه والمحافظة عليه . لكن  سلطان العنيد الذي أصر على موقفه في متابعة التطور  وإيصال تلك العبة لشريحة كبيرة من الناس عن طريق نشرها على الانستغرام  ربما كان بطريقة مقصودة أو غير مقصودة  إلا أنها كانت السبب في  إدخال الطائرة الورقية في دائرة اهتمام الكثيرين من جديد،  وتحول الأمر  من السكون إلى الحركة وبدأت الأفكار والعمل من جديد لنشر  الرسالة التي حلقت على متن طائرة ورق تحمل أحلام  شعب مقهور ومحاصر فرحه وحريته. فيلجأ الحفيدان إلى إقناع الجد بتجديد آليات العمل على نشر التراث وتعميمه بصورة عصرية من خلال استثمار السوشال ميديا، وهو  ما ظهر من خلال  تتابع الاتصالات الهاتفية من جنين ومن الناصرة( في إشارة إلى وحدة هوية وذاكرة الشعب الفلسطيني وثقافته)  تتابع الاتصالات على دكان الجد يطلب فيها المتصلون كميات وافرة من الطائرات الورقية، بعد أن نشر ( سلطان) الفيديو الذي صوره للجد، وبهذا انتصرت الوسائل الحديثة في نشر الثقافة الشعبية والتراث الفلسطيني(القضية ) على جدار الفصل العنصري. وتُختتم المسرحية بعبارة (الآباء يزرعون والأبناء يحصدون) رداً على مقولة الاحتلال( الكبار يموتون والأبناء ينسون)، بما تحمله هذه العبارة الأخيرة من إشارة إلى محاولات الاحتلال إلى تشويه ومصادرة الذاكرة ومخزونها من التراث والثقافة الشعبية الوطنية، حتى كاد الجيل الجديد يقع فريسة هذه المقولة من خلال ترديد الحفيد سلطان لعبارة ( بدي ياه يرتاح) في إشارة لبيع الدكان الذي يمثل القضية في محاولته إقناع ( الحفيدة نجمة) بالاعتراض على استمرار جده في صنع الطائرات الورقية.
حملت المسرحية رموزاً مهمة، منها اتخاذها من مدينة بيت لحم مسرحاً للأحداث، بما تمثله هذه المدينة من رمز ديني، فهي مهد السيد المسيح عليه السلام، ورمز للتعايش بين المسلمين والمسيحيين، وعنوان للتسامح ، وهو ما يفسر أبعاد مقولة الأب لابنه( طول عُمُر هالدكان مفتوحة).
ومنها أيضاً دلالة الطائرة  على التحليق مع الأحلام ومواصلة الحلم، وعبارة( لا تجعلوا لأحلامكم سقفاً) تؤكد هذا المعنى.
وفّر هذا العرض المسرحي فرصة تفاعل أحداث المسرحية مع الجمهور من خلال إلقاء الممثلين الطائرات الورقية على الجمهور، في دعوة رمزية من الممثلين لمشاركة الجمهور لهم في أحلامهم.
تؤكد المسرحية أهمية نشر التراث وتعميمه بين الأجيال وإيصاله إلى مختلف الفئات من خلال إشارة المسرحية إلى إقامة( معرض طيارات وحكايات).
الديكور ظهر للجمهور قبل العرض وهو عبارة عن طائرات ورقية بألوان مختلفة لها دلالات عديدة  
منها الفرح والحرية والأحلام.
ومع كل ما تحمله المسرحية من قيم وطنية عالية، إلا أن المشاهد يتساءل: 
-   لماذا بدأ العرض بجلوس( الجد) أمام الطاولة ويخاطب صورة والده المتوفى،  فقد كان الأولى أن يفتح المسرح على الجد وهو يخاطب صورة والده وهو يتحرك ويعلق الطائرات مثلاً، وليس وهو يعلق أدوات صنع حرفته الشعبية( المتر، المنشار....)
- لم يظهر الممثلون في ملابس تحمل أي تشويق بصري للأطفال، بل ظهروا في ملابسهم التقليدية، فما الذي يمنع الجد من ارتداء اللباس الشعبي الفلسطيني( القنباز والكوفيه) كونه يمثل الجيل القديم.
- المسرحية تحمل عنوان( دكان الألعاب) في حين لم يشاهد الحضور إلا لعبة واحدة ( الطائرة الورقية). التي لم يكن فيه وجود إلا للعبة وحيدة، لأن الحكاية كانت حاضرة في العرض، وكذلك لما لها من أثر فاعل في نقل القضية من جيل إلى جيل على مر العصور. 
- وأخيراً يتساءل الجمهور عن أبعاد تغيير طبيعة العرض والحوار المسرحي بين ما تم تقديمه في هذا المهرجان وما سبق تقديمه في عروض سابقة في مدن الضفة الغربية من فلسطين.
الديكور ظهر للجمهور ناجزاً بمجرد ستارة المسرح، التي فتحت قبل العرض بعشر دقائق، وقد كان بالإمكان إخفاء بعض المعالم وإظهارها مع بدء العرض لمزيد من التشويق.
واخيرا الاضاءة والموسيقى لم يكن لهما توظيف مؤثر على  المسرح.
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون