غدا الثلاثاء:لجنة السينما في شومان تعرض الفيلم التسجيلي السوفييتي " فاشية عادية" للمخرج ميخائيل روم.
2024 ,21 كانون الثاني
صوت العرب:الاردن.
تعود عروض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان،الاسبوعية، يوم غد الثلاثاء الموافق 22 كانون الثاني بالفيلم السوفييتي: "فاشية عادية"، للمخرج "ميخائل روم"،وذلك في تمام الساعة السادسة والنصف مساء، في مقر المؤسسة بجبل عمان.
يعتبر الفيلم التسجيلي السوفييتي الطويل" فاشية عادية"(1965)، للمخرج ميخائيل روم، تجربة رائدة في مجال صنع فيلم تسجيلي طويل يعتمد بالأساس على مواد أرشيفية واستخدامها لغرض غير الغرض الذي صورت من أجله، حيث استعمل المخرج ذات المواد الأرشيفية السينمائية التي جرى تصويرها من أجل الدعاية لزعيم الحزب النازي أدولف هتلر ولتمجيد غزو الجيش الألماني لأوروبا من قبل قسم السينما في الإعلام النازي ومن الأرشيف السينمائي الشخصي لهتلر، كي يفضح الفظاعات والجرائم التي ارتكبها الحزب والجيش النازيين. لتحقيق هذا شاهد المخرج عشرات الآلاف من الأمتار من تلك الأشرطة الدعائية للنازية، واختار منها ما بدا له مناسبا لتحقيق هدفه، ثم قام بترتيب اللقطات والمشاهد المختارة حسب مجموعات متقاربة في الموضوع يبلغ عددها مائة وخمسين موضوعا، وعلى سبيل المثال، فهو اختار عددا كبيرا من اللقطات المتشابهة التي يظهر فيها القادة النازيون وهم يقفون أمام الكاميرا وقفة استعراضية يقلدون فيها نفس وقفة زعيمهم هتلر، أو لقطات لخطابات هتلر، أو الاستعراضات العسكرية، وغير ذلك من مواضيع، وقد عرض المخرج مواضيع فيلمه مرفقة بتعليق بصوته، فيه الكثير من السخرية.
ما يهمنا هنا من الإشارة إلى هذا الفيلم ليس عرضه ومحاولة تحليله ككل، بل تحديدا، وصف المشاهد الافتتاحية من الفيلم، والتي تضمنت حلاً مونتاجيا، فنيا و دراميا، هو من صميم الإبداع السينمائي، حلا صرح المخرج بشأنه بأنه استمده من نظرية المخرج سيرغي ايزنشتاين حول مونتاج" الاتراكسيون"( التشويق) المستخدم في السينما الروائية، إذ لجأ المخرج ميخائيل روم إلى تصوير مشاهد مشابهة متنوعة يجمعها كلها تعليق ساخر إنما يمجد القيم الإنسانية النبيلة، يبدأها بلقطات من الحياة المعاصرة، جرى التقاطها بواسطة الكاميرا المخفية، ترصد حركات الناس في الشوارع والساحات العامة في موسكو و صوفيا وعواصم أخرى وتتداخل هذه اللقطات مع رسومات أطفال ومع مشاهد أطفال يرسمون، وكانت هذه المشاهد تعرض بالتزامن مع التعليق الساخر الذي اعتمده المخرج وسيلة أساسية للسرد و طرح الأفكار. يصور المخرج مجموعة لقطات متشابهة المضمون يظهر في كل واحدة منها فتاة تقف مقابل حبيبها فيما تمد يدها لتصلح وضع سترته في حين نسمع التعليق الذي يحكي عن تصرفات المحبين المتشابهة، يصور المخرج مجموعة لقطات تراقب الطلاب والطالبات في حالة انتظار نتائج الامتحان ثم يصور فرحة ناجحين في الامتحان و يعرض ذلك على وقع التعليق الساخر، يصور المخرج لقطات للأطفال وهم يرسمون، ونسمع تعليقا على لسان طفل يقول أن "أمي أجمل الأمهات" ويتلو ذلك عرض لمجموعة من رسومات أطفال صوروا فيها أمهات لم تنجح براءة الطفولة في جعل أشكالهن جميلة. يختم المخرج هذا الفصل الافتتاحي من الفيلم بصور لأطفال يمشون في الشارع في موسكو وفي برلين ومدن أخرى مكررا التعليق الساخر الذي يؤكد فيه أن كل طفل يعتبر أن أمه أجمل الأمهات. يختم المخرج هذا الفصل بلقطة معاصرة لأم تحمل طفلها وتعانقه فيما هي واقفة. بعد هذه اللقطة ينتقل المخرج بطريقة القطع الحاد ليعرض لقطة شبيهة، إنما مأخوذة من الأرشيف النازي تظهر فيها أم تحتضن طفلها فيما يستعد جندي نازي لإطلاق النار عليهما من الخلف ونسمع في هذه اللحظة صوت انطلاق الرصاصة. 
يفسر في إحدى محاضراته سبب استخدام مشاهد من الحياة الطبيعية المعاصرة ورسومات أطفال عادية، مصحوبة بتعليق ساخر في بداية فيلم يتحدث أساسا عن فظائع الفاشية، على النحو التالي:
" لا تنسوا أن عنوان" فاشية عادية" يحدد مسبقا مزاج الناس الذين جاءوا إلى صالة السينما. إن الدعاية عندنا ستعتني بأن تعرض من خلال الصور أكبر عدد ممكن من الأعمال الوحشية، وستعمل بالتأكيد على أن يحتوي الملف على صور نسر ذي مخلب مليء بالدم، أو على صورة جمجمة ترتدي خوذة فاشية- كل هذا سوف يكون. ينتظر الناس بماذا سنبدأ. ونحن نبدأ من قط يضحك على الشاشة، رسمه، بالمناسبة، حفيدي. عندما سألته لماذا يضحك القط، أجاب: لأنه التهم فأرا"
ويضيف لاحقا أن المتفرج "سيتقبل بسرور القط المرح، العشاق، الطلاب، رسمة " أمي هي الأجمل". كان ذلك بمثابة مفاجأة تامة، أجبرت المتفرج على أن ينسى أنه جاء لمشاهد فيلم عن الفاشية العادية".
ويضيف لاحقا: "لهذا عندما تلعلع الرصاصة وتظهر فجأة على الشاشة صورة الأم مع الطفل، فإن القاعة، كقاعدة، تتأوه. بعد ذلك أعرض مرة أخرى فتاة رائعة، فيهدأ المتفرج: ربما، لن يكون؟ كلا، سيكون. إنه زمن قصير. مجرد عشر أو اثنتا عشر ثانية، خمسة عشر لقطة قصيرة، ثم يسود القاعة سكون ميت. أحاول بعد ذلك أن أهدئ المتفرج. أن أقول، إن هذا جزء من الماضي.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون