غلاف كتاب" التاريخ و الشعر في أفلام شادي عبد السلام المومياء-الفلاح الفصيح"
رسمي محاسنة: صوت العرب – الاردن.
الكتابة عن "شادي عبدالسلام" لها مذاق خاص، فهو مخرج غرد خارج السرب السينمائي العربي،وحقق هذا الحضور العربي والعالمي، بفيلم"المومياء" الذي يعتبر تحفة سينمائية،الى جانب الثقافة والوعي والرؤية،ونظرته الخاصة الى التاريخ، والتي عبّر عنها بافلامه، اضافة الى مزاياه الانسانية.
" التاريخ و الشعر في أفلام شادي عبد السلام المومياء-الفلاح الفصيح" من تأليف الأكاديمية والباحثة المخرجة التونسية"د. ميرفت مديني كمون" و تعريب السينمائي التونسي "محمود الجمني"، والذي صدر ضمن اصدارات مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في دورته 11.
الكتاب يمثل قراءة واعية لمسيرة "شادي عبدالسلام" يظهر منها الفهم العميق للمؤلفة" د.ميرفت"، وقدمت كتابا مختلفا عن كل الاصدارات السابقة، في احاطة شاملة لفكر مخرج كبير، بدءا من تكوينه المعرفي، والمراحل التي تشكل بها وعيه،والارهاصات والاحباطات في حياته،وتعامله مع التاريخ والموروث الثقافي والذاكرة الخاصة والذاكرة الجمعية،بشكل مختلف عن السائد،والاسلوب السينمائي الذي استخدمه في افلامه،والصورة السينمائية عنده والتي كان يوليها اهتماما شديدا،وارتباطها بالزمن.والشاعرية التي تطغى على افلامه.
الكتاب الذي قام السينمائي التونسي" محمود الجمني" بتعريبة عن الفرنسية، بلغة سلسة، وفهم للمعاني دون الوقوع في "جمود الترجمة"،فكان هذا الترابط والاسلوب الرشيق، وهو جهد يستحق المخرج"الجمني" الشكر عليه.
تتناول "د.ميرفت" البدايات والتحولات والبيئة والسياق السينمائي الذي بدأ يتشكل فيه وعي " شادي عبدالسلام" القادم من فن العمارة الى السينما،ومساهماته مع بعض المخرجين المصريين في افلامهم، في تصميم الديكور والملابس ،وعمله كمساعد اخراج مع بعض المخرين، اضافة الى عمله مع كبريات شركات الانتاج العالمية، ومع صديقة المخرج الايطالي"روسليني".
في هذه الاجواء جاءت صدمة هزيمة"حزيران" 1967، والتي القت بظلالها على فيلم "المومياء" وان بشكل غير مباشر"من خلال شخصية (ونيس)،وفكره الوطني والانساني مقابل فكر فوضوي واناني لقبيلة الحربات".
وتذهب "د.ميرفت" الى مسألة اثارت الكثير من الاسئلة حول الهوية التي يدعو اليها "شادي عبدالسلام"،وتحت عنوان التاريخ والذاكرة والهوية،وتقول" لم يتعامل شادي عبدالسلام مع التاريخ كونه مجرد خلفية له وظيفة التأثيث، او محاولة سرد تاريخي لاحداث متعاقبه،بل تعامل مع الاحداث كحقيقة اشكالية، تسائل الاحداث وتستنتج منها العبر لفائدة الحاضر".
وفي هذا الفصل تستطرد المؤلفة حول الفيلم التاريخي، والنماذج المحنطة التي استسلم لها المخرجون،وتمرد شادي عبدالسلام على الاطر السائدة،الذي قدم صورة سينمائية جمعت بين التعقيد والغموض وشجاعة المضمون.
وكما ان الشعرية عنصر اساسي في افلام"شادي عبدالسلام" فان المؤلفة"د.ميرفت كمون" تعطي مساحة من كتابها لهذه المسالة، وتستشهد بمقولات لمخرجين عالميين حول مفهوم السينما الشاعرية، او الشعر في السينما،واهتمام المخرج بمنهجه في الكتابة السينمائية، التي كان يترجمها بالصورة،ويظهر ذلك في فيلم"المومياء" منذ اللقطات الاولى للبطل"ونيس" وهو يتحرك وفق مسار فوضوي داخل صحراء مشبعة بالجمال.
وتتوقف المؤلفة"د.ميرفت" عند تاطير الصورة، في افلام شادي عبدالسلام،وتستحضر مشاهد من الفيلم،لتستدل بها على اهتمامه باللقطة والضؤ والظل،والتكوين، والدلالات الجمالية والمعرفية لها،والجمع مابين عناصر طبيعية،واخرى هندسية،حتى يعطي للحركة والاحداث دلالات متنوعة.
ان ابحار المؤلفة"د.ميرفت كمون" في عوالم "شادي عبدالسلام" السينمائية والمعرفية والانسانية، هي نافذة جديدة، نطل منها على سينمائي لم ياخذ مايستحقة، وغادر مبكرا" قد يكون احتجاجا"،وتقدم قراءة تاريخية وتحليلة وشعرية غير مسبوقة،تمثل مفاتيح لاعادة اكتشافنا لمبدع، ماتزال افلامه تطرح علينا اسئلة برسم الاجابة.
ويمثل الكتاب اضافة حقيقية للمكتبة السينمائية العربية،توازى فيه الجهد الذي بذلته المؤلفة التونسية" د.ميرفت كمون" مع "التعريب" الذي قام به السينمائي التونسي "محمود الجمني"،بمبادرة من مهرجان الاقصر للسينما الافريقية،ورئيسه "سيد فؤاد الجناري"،ومديرته "عزة الحسيني".
الدكتورة" ميرفت مديني كمون"مخرجة وباحثة واكاديمية ومؤلفة تونسية حصلت علي دكتوراه من(جامعة السوربون 2009) ،وشاركت في العديد من المؤتمرات في تونس وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وتدرّس جماليات الصورة السينمائية في المدرسة العليا للسمعيات والبصرية والسينما بقمرت بتونس.أصدرت كتابها الأول "يوسف شاهين كاميرا جميع المعارك" في عام 2010.في عام 2014 ، اخرجت أول فيلم قصير لها "نجمة"، وفي عام 2018، اخرجت فيلمها القصير الثاني" عرس الشوك"،وفي العام 2021،فيلم " حياة".
والسينمائي " محود الجمني"مخرج وناقد سينمائيّ تونسي تلقّى تكوينه في نوادي السينما وله كتاب "أربعون سنة من السينما التونسية: رؤى متقاطعة"،ومؤسس المهرجان الدولي للفيلم العربي في قابس.وعضو لجان تحكيم بعدة مهرجانات منها: مهرجان دبي ، مهرجان القاهرة ،مهرجان لوكارنو ، مهرجان السينما العربية بمدينة فماك بفرنسا ، مهرجان الأقصر.
وله افلام منها "السيد-السيدة فلوس" و"أن نرى ان نفعل" و" وردة عشق الحياة" ، و"حنضل"، واخر افلامه " لا / نعم".
سيد فؤاد ود. ميرفت كمون وعزة الحسيني في ندوة توقيع الكتاب بمهرجان الاقصر